للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتاب الخُمس

يجب فيما يُغنم في القتال وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى في كتاب الجهاد والسير ولا فرق بين الأراضي والدور المأخوذة من الكفار وبين المنقولات فإن الجميع مغنوم في القتال وأما الفيء وهو ما أُخذ بغير قتال فحكمه مذكور في قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} والمراد بقوله تعالى: {مِنْ شَيْءٍ} ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا كل ما يطلق عليه اسم الغنيمة بل ما غُنم بالقتال كما في النهاية وغيرها ولو بقي على عمومه لاستلزم وجوب الخمس في الأرباح والمواريث ونحوهما وهو خلاف الإجماع وما استلزم الباطل باطل. "وفي الركاز الخمس" لأنه يشبه الغنيمة من وجه ويشبه المجان فجُعلت زكاته خمساً لحديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس" والرِّكاز بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره زاي قال مالك والشافعي: الركاز دفن الجاهلية, وقال أبو حنيفة والثوري وغيرهما: إن المعدن ركاز وخالفهم في ذلك الجمهور فقالوا: لا يقال للمعدن ركاز واحتجوا بما وقع في هذا الحديث من التفرقة بينهما بالعطف وأن ذلك يدل على المغايرة وفي القاموس تفسير الركاز بالمعدن ودفين الجاهلية, وقال صاحب النهاية: إن الركاز يقع عليهما وإن الحديث ورد في الدفين هذا معنى كلامه. قال ابن القيم في إعلام الموقعين: وفي قوله: "المعدن جبار" قولان: أحدهما أنه إذا استأجر من يحفر له معدنا فسقط عليه فقتله فهو جبار, ويؤيد هذا القول اقترانه بقوله: "البئر جبار والعجماء جبار" والثاني: أنه لا زكاة فيه ويؤيد هذا القول اقترانه بقوله: "وفي الركاز الخمس" ففرق بين المعدن والركاز فأوجب الخمس في الركاز لأنه مال مجموع يؤخذ بغير كلفة ولا تعب وأسقطها عن المعدن لأنه يحتاج إلى كلفة وتعب في استخراجه والله تعالى أعلم اهـ. قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا والذي سمعت أهل العلم يقولون: إن الركاز إنما هو دفن يوجد من دِفن الجاهلية ما لم يُطلب بمال ولم يُتكلف فيه نفقة ولا كبير عمل ولا مؤنة فأما

<<  <  ج: ص:  >  >>