للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زكاة الفطرة فقيل: ملك النصاب, وقيل: قوت عشر. أقول: التقدير بقوت عشرة أيام محض رأي ليس عليه أثارة من علم وليس هو أيضا على أسلوب مناسب باعتبار محض الرأي فإن الرأي إذا لم يكن له علة معقولة سائغة في العقل مقبولة في الطبع فهو مردود عند أهل الرأي, وقد ورد ما يدل على أن الفقير كالغني في الفطرة ففي حديث ابن أبي صعير١ عند أبي داود بلفظ: "غني أو فقير" ويؤيده حديث ابن ثعلبة المتقدم لأن المراد أن الله يرد عليه من العوض خيرا مما أخرج وقال مالك والشافعي وعطاء وأحمد بن حنبل وإسحق: إنه يعتبر أن يكون مخرج الفطرة مالكا لقوت يومه وليلته والظاهر: أن من وجد ما يكفيه ومن يعول ليوم الفطر ووجد صاعا زائدا على ذلك أخرجه لحديث: "أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم" أخرجه البيهقي والدارقطني عن ابن عمر مرفوعاً, وأخرجه ابن سعد أيضا في الطبقات من حديث عائشة وأبي سعيد فظاهر قوله: "أغنوهم" أنهم يصيرون أغنياء إذا نالوا ما يكفيهم في يومهم والمراد أنهم أغنياء عن الطواف وأن الغني في الفطرة من استغنى عن الطواف في يومه, والفقير من افتقر إلى الطواف في يومه فيكون الوجوب متحتما على من وجد ما يغنيه في يومه مع زيادة قدر ما يجب عليه من الفطرة ويكون مصرفها من لم يجد ذلك لا كما قالوا إن مصرفها مصرف الزكاة. "ومصرفها مصرف الزكاة" لكونه صلى الله عليه وآله وسلم قد سماها زكاة لقوله: فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة. وقول ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطرة, وقد تقدما ولكنه ينبغي تقديم الفقير للأمر بإغنائهم في ذلك اليوم فما زاد صُرف في سائر الأصناف وقال في سفر السعادة: وكان يخص المساكين بهذه الصدقة ولا يقسمها على الأصناف الثمانية ولم يرد بذلك أمر أيضا وبه قال بعض العلماء ويجوز الصرف للأصناف الثمانية بل خص بها المساكين انتهى.


١ بضم الصاد وفتح العين المهملتين وهو عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير ويقال ابن صعير ويقال ثعلبة بن عبد الله بن صعير ومن هذا تعرف خطأ الشارح في قوله: ويؤيده حديث ابن ثعلبة المتقدم فإن الحديثان هما حديث واحد ولكنه أوهم رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>