لنص القرآن {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ولقوله صلى الله وسلم عليه لمن سأله: هل يصلي في الثوب الذي يأتي فيه أهله فقال: نعم إلا أن يرى فيه شيئاً فيغسله. أخرجه أحمد وابن ماجه ورجال إسناده ثقات ومثله عن معاوية قال: قلت لأم حبيبة هل كان النبي صلى الله وسلم عليه يصلي في الثوب الذي يجامع فيه قالت: نعم إذا لم يكن فيه أذى. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد رجاله ثقات ومنها حديث خلعه صلى الله وسلم عليه النعل أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وابن خزيمة وابن حبان وله طريق عن جماعة من الصحابة يقوي بعضها بعضا ومنها الأدلة المتقدمة في تعيين النجاسات وبدنه لأنه أولى من تطهير الثوب ولما ورد من وجوب تطهيره ومكانه من النجاسة لما ثبت عنه صلى الله وسلم عليه من رش الذنوب على بول الأعرابي ونحو ذلك, وقد ذهب الجمهور إلى وجوب تطهير الثلاثة للصلاة وذهب جمع إلى أن ذلك شرط لصحة الصلاة وذهب آخرون إلى أنه سنة والحق الوجوب فمن صلى ملابساً لنجاسة عامداً فقد أخل بواجب وصلاته صحيحة والشرطية التي يؤثر عدمها في عدم المشروط كما قرره أهل الأصول لا يصلح للدلالة عليها إلا ما كان يفيد ذلك مثل نفي القبول أو نحو:"لا صلاة لمن صلى في مكان متنجس" أو النهي عن الصلاة في المكان المتنجس لدلالة النهي على الفساد. وأما مجرد الأمر فلا يصلح لإثبات الشروط اللهم إلا على قول من قال: إن الأمر بالشيء نهي عن ضده فليكن هذا منك على ذُكْر فإنك إن تفطنت له رأيت العجب في كتب الفقه فإنهم كثيراً ما يجعلون الشيء شرطاً ولا يستفاد من دليله غير الوجوب وكثيراً ما يجعلون الشيء واجباً ودليله يدل على الشرطية والسبب الحامل على ذلك عدم مراعاة القواعد الأصولية والذهول عنها. والحاصل: أن ما دل على الشرطية دل على الوجوب وزيادة وهو تأثير بطلان المشروط وما دل على الوجوب لا يدل على الشرطية لأن غاية الواجب أن تاركه يذم أما أنه يستلزم بطلان الشيء الذي ذلك الواجب جزء من أجزائه أو عارض من عوارضه فلا فمن حكم على الشيء بالوجوب وجعل عدمه موجباً للبطلان أو حكم على الشيء بالشرطية ولم يجعل عدمه موجباً للبطلان فقد غفل عن هذين المفهومين