وفي المقام أدلة مختلفة ومقالات طويلة ليس هذا محل بسطها. وستر عورته لقوله تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} . قلت: الزينة ما وارى عورتك ولو عباءة قاله مجاهد والمسجد الصلاة ولما وقع منه صلى الله وسلم عليه من الأمر بسترها في كل الأحوال كما في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله: عوراتنا ما نأتي منها وما نذر قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ملكت يمينك" قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض قال: "إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها" قلت: فإذا كان أحدنا خاليا قال: "الله تبارك وتعالى أحق أن يُستحيا منه" أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والترمذي وعلقه البخاري وحسنه الترمذي وصححه الحاكم ومن ذلك قوله صلى الله وسلم عليه: "لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت" أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم والبزار وفي إسناده مقال ولكنه يعضده حديث محمد بن جحش قال: مر رسول الله صلى الله وسلم عليه على معمر وفخذاه مكشوفتان فقال: "يا معمر غط فخذيك فإن الفخذين عورة" أخرجه أحمد والبخاري في صحيحه تعليقاً وأخرجه أيضا في تاريخه والحاكم في المستدرك وروى الترمذي وأحمد من حديث ابن عباس مرفوعا: "الفخذ عورة" وأخرج نحوه مالك في الموطأ وأحمد وأبو داود الترمذي وحسنه وابن حبان وصححه وعلقه البخاري وقد عارض أحاديث الفخذ عورة أحاديث أخر وليس فيها إلا أنه صلى الله وسلم عليه كشف عن فخذه يوم خيبر أو في بيته ولا يصلح ذلك لمعارضة ما تقدم, وورد في الركبة ما يفيد أنها تُستر وما يخالف ذلك وأما المرأة فورد حديث:"لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم وقد روي موقوفاً ومرفوعاً من حديث عائشة ومن حديث أبي قتادة ومما يفيد وجوب ستر العورة أحاديث النهي عن الصلاة في الثوب الواحد ليس على عاتق المصلي منه شيء وفي بعضها: "فليخالف بين طرفيه" وفي بعضها: "وإن كان ضيقا فاتزر به" وكلها في الصحيح, ولكن ليس فيها ما يستفاد منه الشرطية التي صرح بها جماعة من المصنفين وحديث الخمار إذا انتهض للاستدلال به على الشرطية فهو خاص بالمرأة وقد عرفت مما سلف أن الذي يستلزم عدمه عدم الصلاة أي بطلانها هو الشرط أو الركن لا الواجب