للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مناف من ولي منكم من أمر الناس شيئا فلا يمنعن أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار١" وعلى هذا فالسر في ذلك أنهما وقت ظهور شعائر الدين ومكانه فعارضا المانع من الصلاة انتهى.

وأقول: الأحاديث في النهي عن الصلاة بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر قد صحت بلا ريب وهي عمومات قابلة للتخصيص بما هو أخص منها مطلقاً لا بما هو أعم منها من وجه وأخص منها من وجه كأحاديث الأمر بصلاة تحية المسجد فإنه من باب تعارض العمومين والواجب المصير إلى الترجيح فإن أمكن ترجيح أحدهما على الآخر وجب العمل به وإن لم يمكن وجب المصير إلى الترجيح بأمور خارجة فإن تعذّر من جميع الوجوه فالتخيير أو الاطراح في مادة إذا تقرر هذا فما عورضت به أحاديث النهي عن الصلاة في الوقتين المذكورين لا يصلح للمعارضة. أما حديث الرجلين اللذين أمرهما صلى الله وسلم عليه بالإعادة فقد اختلفت الرواية ففي بعض الروايات أنه قال: هذه فريضة وتلك نافلة وفي بعضها عكس ذلك وعلى الرواية الأولى لا معارضة وعلى الثانية غاية ما هناك أن ذلك يكون مخصصا لأحاديث النهي بمثل حال الرجلين وهو من دخل مسجد جماعة يصلون فيه فريضة في أحد الوقتين فإنه يتنفل معهم وحديث: أنه صلى الله وسلم عليه كان يصلي ركعتين بعد العصر قد تبين في روايات الحديث الثابتة في الأمهات أنه وفد عليه وفد عبد القيس فشغلوه عن ركعتي الظهر فصلاهما بعد العصر وكان هديه صلى الله وسلم عليه أنه إذا فعل شيئاً داوم عليه حتى سألته بعض نسائه وقالت: "هل نقضيهما إذا فاتتانا؟ فقال: "لا" وقد ذكر من روى ذلك وما عليه شيخنا العلامة الشوكاني في شرح المنتقى. وأما حديث: "لا تمنعوا طائفاً" فهو مع كونه غير صلاة وإن كان مشبهاً بها فليس المشبه كالمشبه به هو أيضا عام مخصص بأحاديث النهي أو خاص بنوع من أنواع الصلاة وهو الطواف فليعلم.


١ ليس المراد من هذا الحديث إباحة الصلاة في الأوقات المذكورة بل هو نهي لبني عبد مناف من التعرض للمصلي في أي وقت شاء لما كانوا يزعمون لأنهم من السلطان على البيت وعلى زائريه فهو حَجْر عليهم كفّ به أيديهم عن التعرض للناس ولكنه لا يُفهم منه أن النهي عن الأوقات إنما هو في غير البيت وهذا واضح لا يخفى على متأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>