للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فمن علمنا أنه ترك صلاة من الصلوات الخمس وجب علينا أن نؤذنه بالتوبة فإن فعل فذاك وإن لم يفعل قتلناه حكم الله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً} , وأما إطلاق اسم الكفر عليه فقد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة وتأويلها لم يوجبه الله علينا ولا أذن لنا فيه ومن غرائب بعض الفقهاء التردد في إطلاق اسم الفسق عليه معللا ذلك بأن التفسيق لا يجوز إلا بدليل قطعي مع أنه يرمي بالكفر من خالفه في أدنى معتقداته التي لم يأذن الله لنا باعتقادها فضلا عن التكفير بها والله المستعان. وأما كيفية القضاء فأقول: لا شك أن تقديم المقضية على المؤداة وتقديم الأولى من المقضيات على الأخرى هو الأولى والأحب ولو لم يرد في ذلك إلا فعله صلى الله وسلم عليه في يوم الخندق لكان فيه كفاية وإنما الشأن في كون ذلك متحتما لا يجوز غيره, وإن كان أي الترك لعذر من نوم أو سهو أو نسيان أو اشتغال بملاحمة القتال مع عدم إمكان صلاة الخوف والمسايفة فليس بقضاء بل تجب تأدية تلك الصلاة المتروكة عند زوال العذر وذلك وقتها وفعلها فيه أداء كما يفيد ذلك أحاديث: "من نام عن صلاة أو سها عنها فوقتها حين يذكرها" وقد تقدمت في أول كتاب الصلاة وفي ذلك خلاف والحق أن ذلك هو وقت الأداء لا وقت القضاء للتصريح منه صلى الله وسلم عليه أن وقت الصلاة المنسية أو التي نام عنها المصلي وقت الذكر, وأما المتروكة لغير نوم وسهو كمن يترك الصلاة لاشتغاله بالقتال كما سبق فقد شغل النبي صلى الله وسلم عليه وأصحابه يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر وما صلوهما إلا بعد هوي١ من الليل كما أخرجه أحمد والنسائي من حديث أبي سعيد وهو في الصحيحين من حديث جابر وليس فيه ذكر الظهر بل العصر فقط ولذلك قال الماتن: بل أداء في وقت زوال العذر إلا صلاة العيد المتروكة العذر وهو عدم العلم بأن ذلك اليوم يوم عيد. "ففي ثانيه" أي تفعل في اليوم الثاني ولا تفعل في يوم العيد بعد خروج الوقت إذا حصل العلم بأن ذلك اليوم يوم عيد لحديث عمير بن أنس عن عمومة له: أنه غم عليهم الهلال فأصبحوا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول


١ الهوي بفتح الهاء وكسر الواو وتشديد الياء المثناة التحية الحين الطويل من الزمان أو الساعة الممتدة الليل وقيل هو خاص بالليل، وحكى فيه ابن سيده ضم الهاء أيضا.

<<  <  ج: ص:  >  >>