صلى الله تعالى عليه وآله وسلم كما قال سبحانه:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}{إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} فهذه الآيات ونحوها تدل أبلغ دلالة وتفيد أعظم فائدة أن المرجع مع الاختلاف إلى حكم الله ورسوله وحكم الله هو كتابه وحكم رسوله بعد أن قبضه الله تعالى هو سنته ليس غير ذلك ولم يجعل الله تعالى لأحد من العباد وإن بلغ في العلم أعلى مبلغ وجمع منه ما لا يجمع غيره أن يقول في هذه الشريعة بشيء لا دليل عليه من كتاب ولا سنة, والمجتهد وإن جاءت الرخصة له بالعمل برأيه عند عدم الدليل فلا رخصة لغيره أن يأخذ بذلك الرأي كائنا من كان, وإني كما علم الله لا أزال أكثر التعجب من وقوع مثل هذا للمصنفين تصديره في كتب الهداية وأمر العوام والمقصرين باعتقاده والعمل به وهو على شفا جرف هار ولم يختص هذا بمذهب من المذاهب ولا بقطر من الأقطار ولا بعصر من العصور بل تبع فيه الآخر الأول كأنه أخذه من أم الكتاب وهو حديث خرافة وقد كثرت التعيينات في هذه العبادة كما سبقت الإشارة إليها بلا برهان ولا قرآن ولا شرع ولا عقل, والبحث في هذا يطول جدا١. قال الماتن رح: وقد جمعت فيه مصنفين مطولا ومختصراً ولله الحمد.
إلا في مشروعية الخطبتين قبلها لأن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم سنّ في الجمعة خطبتين يجلس بينهما وما صلى بأصحابه جمعة من الجمع إلا وخطب فيها إنما دعوى الوجوب إن كانت بمجرد فعله المستمر فهذا لا يناسب ما تقرر في الأصول ولا يوافق تصرفات الفحول وسائر أهل المذهب المنقول, وأما الأمر بالسعي إلى ذكر الله فغايته أن السعي واجب وإذا كان هذا الأمر مجملا فبيانه واجب فما كان متضمنا لبيان نفس السعي إلى الذكر يكون واجبا
١ ما قاله الشارح هنا جيد ولكن رأيه في جواز صلاة الجمعة من اثنين بدون خطبة لا نراه حقا فإن وجوبها معلوم من الدين ضرورة لم يخالف فيه أحد ولم تذكر في القرآن إلا إجمالا ولكن تواترا العمل بها وبصفتها من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الآن والأحاديث الصحيحة بينت هذه الصفة تفصيلا، فلم يصلها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة بدون خطبتين وبغير جمع الحاضرين ممن يسعه حضورها وهذه المواظبة الدقيقة لا يصح حملها إلا على أنها بيان لهذا الواجب يلحق به في الوجوب.