وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته فأتموا لأنفسهم فسلم بهم وهذه الصفة ثابتة في الصحيحين من حديث سهل بن أبي حثمة وإنما اختلفت صلاته صلى الله عليه وسلم في الخوف لأنه كان في كل موطن يتحرى ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة, وكلها مجزئة لأنها وردت على أنحاء كثيرة وكل نحو روي عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو جائز يفعل الإنسان ما هو أخف عليه وأوفق بالمصلحة حالتئذ كذا في الحجة. أقول: من زعم من أهل العلم أن المشروع من صلاة الخوف ليس إلا صفة من الصفات الثابتة دون ما عداها فقد أهدر شريعة ثابتة وأبطل سنة قائمة بلا حجة نيرة وغالب ما يدعو إلى ذلك ويوقع فيه قصور الباع وعدم الاعتناء بكتب السنة المطهرة فالحق الحقيق بالقبول جواز جميع ما ثبت من الصفات وقد ذكر هنا صاحب المنتقى أنواعا هي حاصل ما ذكره المحدثون مما بلغ إلى رتبة الصحيح وثم صفات أخر ليست ببالغة إلى تلك الرتبة فإن قلت: ما الحكمة في وقوع هذه الصلاة على أنواع مختلفة؟ قلت: أمران: الأول اقتضاء الحادثة لذلك والمقتضيات مختلفة ففي بعض المواطن تكون بعض الصفات أنسب من بعض لما يكون فيها من أخذ الحذر والعمل بالحزم ما يناسب الخوف العارض فقد يكون الخوف في بعض المواطن شديدا والعدو متصلا أو قريبا وفي بعض المواطن قد يكون الخوف خفيفا والعدو بعيدا فتكون هذه الصفة أولى بهذا الموطن وهذه أولى بهذا الموطن, فالأمر الثاني أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فعلها متنوعة إلى تلك الأنواع لقصد التشريع وإرادة البيان للناس وأما صلاة المغرب فقد وقع الإجماع على أنه لا يدخلها القصر ووقع الخلاف هل الأولى أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعتين والثانية ركعة أو العكس ولم يثبت في ذلك شيء عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وقد روي أن عليا رضي الله تعالى عنه صلاها ليلة الهرير, واختلفت الرواية في حكاية فعله كما اختلفت الأقوال والظاهر أن الكل جائز وإن صلى لكل طائفة ثلاث ركعات فيكون له ست ركعات وللقوم ثلاث ركعات فهو صواب قياسا على فعله في غيرها, وقد تقرر صحة إمامة المتنفل بالمفترض كما سبق. "وإذا اشتد الخوف والتحم القتال صلاها الراجل والراكب ولو إلى غير القبلة ولو بالإيماء" ويقال لصلاة الخوف عند التحام القتال صلاة المسايف أخرج