للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك: الأمر عندنا في قسم الصدقات أن ذلك لا يكون إلا على وجه الاجتهاد من الوالي فأي الأصناف كانت الحاجة فيه والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي وعسى أن ينتقل ذلك إلى الصنف الآخر بعد عام أو عامين أو أعوام فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيثما كان ذلك وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم انتهى. قال الماتن: وقد أطال أئمة التفسير والحديث والفقه الكلام على الأصناف الثمانية وما يعتبر في كل صنف والحق أن المعتبر صدق الوصف شرعا أو لغة فمن صدق عليه أنه فقير كان مصرفا وكذلك سائر الأوصاف وإذا لم يكن للوصف حقيقة شرعية وجب الرجوع إلى مدلوله اللغوي وتفسيره به فما وقع من الشروط والاعتبارات المذكورة لأهل العلم إن كانت داخلة في مدلول الوصف لغة أو شرعاً أو لدليل يدل على ذلك كانت معتبرة وإلا فلا اعتبار لشيء منها انتهى. أقول: الواجب الجزم بأن الفقير من ليس بغني والغني قد ثبت في الشريعة المطهرة تعريفه كما أخرجه أهل السنن من حديث ابن مسعود مرفوعاً: أنه قيل يا رسول الله وما الغنى؟ قال: "خمسون درهما أو قيمتها من الذهب" فمن لم يملك هذا المقدار فهو فقير لأنه إذا ارتفع عنه اسم الغني ثبت له الفقر إذا النقيضان لا يرتفعان كما لا يجتمعان ولا بد من كونه يملك معها ما لا بد منه من ملبوس وفراش ومسكن. حاصله ما تدعو الضرورة إليه لأن من المعلوم أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم لم يرد بذلك المقدار قيمة ما يلبسه ويسكنه ويلحق بذلك ما لا يتم له القيام بالأمور الدينية أو الدنيوية بدونه كآلة الجهاد للمجاهد وكتب العلم للعالم وآلة الصناعة للصانع فمن ملك مما هو خارج عن هذه الأمور ما يساوي خمسين درهماً كان كمن ملك الخمسين أو قيمتها من الذهب فيكون غنيا, ومن لم يملك ذلك المقدار فهو فقير تحل له الزكاة والمصير إلى ما قررناه متحتم والحق أن الفقير والمسكين متحدان يصح إطلاق كل واحد من الاسمين على من لم يجد فوق ما تدعو الضرورة إليه خمسين درهما وليس في قوله تعالى: {فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} ما ينافي هذا لأن ملكهم لما لا يخرجهم عن صدق اسم الفقر والمسكنة عليهم لما عرفت من أن آلات ما تقوم به المعيشة مستثناة والسفينة للملاح كدابة السفر لمن يعيش بالمكاراة والضرب في الأرض وليس في الآية الكريمة ما يدل على أن صدقة كل إنسان تُصرف في كل صنف من الأصناف

<<  <  ج: ص:  >  >>