للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنده جميع الأصناف الثمانية كان لكل صنف حق في مطالبته بما فرضه الله وليس عليه تقسيط ذلك بينهم بالسوية ولا تعميمهم بالعطاء بل له أن يعطي بعض الأصناف أكثر من البعض الآخر وله أن يعطي بعضهم دون بعض إذا رأى في ذلك صلاحا عائدا على الإسلام وأهله مثلا: إذا جمعت لديه الصدقات وحضر الجهاد وحقت المدافعة عن حوزة الإسلام من الكفار أو البغاة فإن له إيثار صنف المجاهدين بالصرف إليهم وإن استغرق جميع الحاصل من الصدقات وهكذا إذا اقتضت المصلحة إيثار غير المجاهدين. "وتحرم على بني هاشم" وبنو عبد المطلب مثلهم. أقول: الأحاديث القاضية بتحريم ذلك عليهم قد تواترت تواترا معنويا ولم يأت من خادع نفسه بتسويغها بشيء ينبغي الالتفات إليه بل مجرد هذيان هو عن الحق معزل, واحتج لعدم التحريم بحديث: "إن لكم في خمس الخمس ما يغنيكم". قال: فإذا منعوا ذلك حلت لهم الزكاة وفي إسناده حسين ابن قيس الرحبي الملقب بحنش١. قال الهيثمي: وفيه كلام كثير وقد وثقه أبو محصن, وقال في خلاصة البدر المنير: ضعفوه. وليس في هذا مع كونه أشف ما جاء به هو وغيره ممن ترخص في هذا الأمر ما يدل على الحل لأنهم إذا منعوا ما يحل لهم لم يحل لهم ما حرم عليهم فما وزان هذا إلا وزان قول القائل: لا يحل الزنا لأن في النكاح ما يغني عنه فهل يقول من له أدنى تمسك بالعلم إنه إذا لم يقدر على النكاح حل له الزنا؟ وأما التعليل للتحريم بالتهمة له صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وقد زالت بموته فحلت لقرابته كما رواه عن أبي حنيفة رح فمجرد تخمين لا مستند له وتخيل لا مرشد إليه ولو كان الأمر كذلك لكانت التهمة في الخمس وصفي الغنيمة أدخل وأشد والله المستعان. "ومواليهم" لحديث أبي هريرة مرفوعا وفيه: "إنا لا نأكل الصدقة" وفي لفظ: "إنا لا تحل لنا الصدقة" وهو في الصحيحين وغيرهما وفي حديث أبي رافع: "إن الصدقة لا تحل لنا وإن موالي القوم من أنفسهم" أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه وابن حبان وابن خريمة وصححاه أيضا وفي رواية


١ قال النسائي: ليس بثقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>