صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج عائشة إلى التنعيم فتحرم للعمرة منه, ثم يطوف ويسعى ويحلق ويقصر ولا خلاف في ذلك وقد ثبت عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في الصحيحين وغيرهما من حديث جماعة من الصحابة أنه أمر من لم يكن معه هدي بالطواف والسعي والحلق أو التقصير فمن فعل ذلك فقد حل الحل كله فواقعوا النساء بعد ذلك. "وهي مشروعة" في العالمكيرية: العمرة عندنا سنة وليست بواجبة وللشافعي قولان: أظهرهما أنها فرض والثاني سنة. أقول: ولم يأت من قال بوجوبها بدليل ينتهض للوجوب بل ما روي في ذلك متكلم عليه مع أنه معارض بأحاديث أوردها من قال بعدم الوجوب مصرحة بذلك وهي لا تخلوا عن مقال والواجب العمل على البراءة الأصلية حتى يرد ناقل ينقل عنها ولم يأت إلا ما يفيد مطلق المشروعية لا المقيدة بالوجوب فالحق ما قاله من ذهب إلى عدم الوجوب في جميع السنة لحديث عائشة عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين عمرة في ذي القعدة وعمرة في شوال. وفي الصحيحين من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر في ذي القعدة إلا التي اعتمر مع حجته. ومن ذلك عمرة عائشة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن أن يعمرها من التنعيم فإن ذلك كان مع حجتها مع النبي صلى الله عليه وسلم, وقد كان أهل الجاهلية يحرمون العمرة في أيام الحج فرد عليهم النبي صلى الله عليه وسلم واعتمر وأمر بالعمرة فيها, وفي الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عمرة في رمضان تعدل حجة". أقول ثبت اعتماره صلى الله عليه وسلم في أشهر الحج بل روي أن عمَرَه كلها كانت في أشهر الحج وإنما فعل ذلك لقصد الرد على المشركين فإنهم كانوا يروونها في أشهر الحج من أفجر الفجور. وأما تعليل بعض الفقهاء للكراهة بأن العمرة تشغل عن أعمال الحج فليست أعمال الحج بمستغرقة لشوال والقعدة وبعض الحجة بل هي في بعض أيام ذي الحجة فما بال من ذهب إلى كراهة العمرة في أشهر الحج وخالف هدي محمد صلى الله عليه وسلم. والحاصل: أن هذا ونحوه صنيع من لا يدري بالمدارك خفيها وجليها والله المستعان. ومن أراد الاطلاع على تفصيل أحكام الحج والعمرة على الوجه الثابت المأثور فليرجع إلى منسكنا رحلة الصديق إلى البيت العتيق وإلى كتابنا مسك الختام شرح بلوغ المرام.