"فصل ويقع بالكناية مع النيّة" لحديث عائشة عند البخاري وغيره "إن ابنة الجون لما أُدخلت علي رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ودنا منها قالت: أعوذ بالله منك فقال لها: لقد عذت بعظيم الحقي بأهلك" وفي الصحيحين وغيرهما في حديث تخلف كعب بن مالك لما قيل له "أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك فقال: أطلقها أم ماذ أفعل؟ قال: بل اعتزلها فلا تقربنها فقال لامرأته: الحقي بأهلك"فأفاد الحديثان أن هذه اللفظة تكون طلاقا مع القصد ولا تكون طلاقا مع عدمه
ويقع الطلاق بالتخيير إذا اختارت الفرقة لقوله تعالي {ياأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} الآية {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} الآية وقد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا نساءه لما نزلت الآية فخيرهن وثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة قالت: "خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدها شيئا"وفي المسألة خلاف وهذا هو الحق وبه قال الجمهور وإذا جعله الزوج إلى غيره وقع منه لأنه توكيل بالإيقاع وقد تقرر جواز التوكيل من غير فرق بين الطلاق وغيره فلا يخرج من ذلك إلا ما خصه دليل وقد سئل أبو هريرة وابن عباس وعمرو بن العاص عن رجل جعل أمر امرأته بيد أبيه فأجازوا طلاقه كما أخرجه أبو بكر البرقاني في كتابه المخرج على الصحيحين "ولا يقع بالتحريم"لما في الصحيحين عن ابن عباس قال "إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وأخرج عنه النسائي "أنه قال أتاه رجل فقال إني جعلت امرأتي علي حراما فقال: " كذبت ليست عليك بحرام" ثم تلا هذه الآية {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة"وأخرج النسائي أيضا بإسناد صحيح عن أنس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه فأنزل الله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} الآية"وفي الباب روايات عن جماعة من الصحابة في تفسير الآية بمثل ما ذكر وفي هذه المسألة مذاهب قد ذكر الحافظ ابن القيم منها ثلاثة عشر مذهب وقال: إنها تزيد على عشرين مذهبا والذي أرجحه منها هو أن التحريم