الخمس لا يحرم. وأما معنى هذه الأحاديث مفهوما وهو أنه يحرم ما زاد على الرضعة والرضعتين فمدفوع بحديث الخمس وهي مشتملة على زيادة فوجب قبولها والعمل بها ولا سيما عند القول من يقول: إن بناء الفعل على المنكر يفيد التخصيص والرضعة هي أن يأخذ الصبي الثدي فيمتص منه ثم يستمر على ذلك حتى يتركه باختياره لغير عارض وقد ذهب إلى اعتبار الخمس ابن مسعود وعائشة وعبد الله بن الزبير وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والليث بن سعد والشافعي وأحمد واسحق وابن حزم وجماعة من أهل العلم وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب وذهب الجمهور إلى أن الرضاع الواصل إلى الجوف يتقضي التحريم وإن قل قال في المسوى: ذهب الشافعي إلى أنه لا يثبت حكم الرضاع بأقل من خمس رضعات متفرقات وذهب أكثر الفقهاء منهم مالك وأبو حنيفة إلى أن قليل الرضاع وكثيره محرم وقال بعضهم: لا يحرم أقل من ثلاث رضعات لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تحرم المصة ولا المصتان" ويحكى عن بعضهم أن التحريم لا يقع بأقل من عشر رضعات وهو قول شاذ والظاهر أن عائشة وحفصة إنما كانتا تذهبان إلى عشر رضعات تورعا وتشفيا للخاطر لا من جهة حكم الشرع كما ذكرنا في لبن الفحل قال البغوي: قوله عائشة "فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ في القرآن "أرادت به قرب عهد النسخ من وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعض من لم يبلغه النسخ يقرأ على الرسم الأول لأن النسخ لا يتصور بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجوز بقاء الحكم مع نسخ التلاوة كالرجم في الزنا حكمه باق مع ارتفاع التلاوة في القرآن أو أن الحكم يثبت بأخبار الآحاد ويجب العمل به والقرآن لا يثبت بأخبار الآحاد فلم يجز كتبه بين الدفتين انتهى وتمامه في كتابنا أفاد الشيوخ بمقدار الناسخ والمنسوخ فليرجع إليه.أقول: اعلم أن الأحاديث قد اختلفت في هذه المسألة اختلافا كثيرا وكذلك اختلفت المذاهب ونحن نعرفك بما هو الحق الذي يجتمع فيه جميع الأدلة فنقول: أما ما ورد من الرضاع مطلقا من دون تقييد بعدد فالأحاديث الواردة بذكر العدد تفيد تقييده كما هو شأن المطلق والمقيد: وقد أفاد حديث "لا تحرم المصة والمصتان والإملاجة والإملاجتان " وحديث "لا تحرم الرضعة الواحدة" أن الرضعة والرضعتين لا تحرمان فلو لم يرد إلا هذا لكانت