للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي الباب أحاديث والمراد أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للفقراء الذين لا نخل لهم أن يشتروا من أهل النخل رطبا يأكلونه في شجرة بخرصه تمرا والعرايا جمع عرية وهي في الأصل عطية ثمر النخل دون الرقبة وقد ذهب إلى ذلك الجمهور ومن خالف فالأحاديث ترد عليه قلت: العرية فعيلة بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا قصده وهي عقد مقصود أو بمعنى فاعلة من عري يعرى إذا خلع ثوبه كأنها عريت وهي بيع الرطب على النخل بتمر في الأرض والعنب في الشجر بزبيب فيما دون خمسة أوسق وقال محمد: وبهذا نأخذ ولفظ البخاري في باب تفسير العرايا قال مالك: العرية أن يعري الرجل الرجل النخلة ثم يتأذى بدخوله عليه فرخص له أن يشتريها منه بتمر وقال ابن إدريس: العرية لا تكون إلا بالكيل من التمر يدا بيد ولا تكون بالجزاف ومما يقويه قول ابن أبي حثمة بالأوسق الموسقة وقال ابن إسحق: في حديثه عن نافع عن ابن عمر كانت العرايا أن يعري الرجل الرجل في ماله النخلة والنخلتين وقال يزيد: عن سفيان بن حسين العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها رخص لهم أن يبيعوها بما شاؤا من التمر انتهى.

أقول: العرايا أصلها أن العرب كانت تطوع على من لا ثمر له كما يتطوع صاحب الشاة أو الإبل بالمنيحة وهي عطية اللبن دون الرقبة قال الجوهري في الصحاح: العرية هي النخلة التي يعريها صاحبها رجلا محتاجا بأن يجعل له ثمرها عاما من عراه إذا قصده انتهى فرخص صلى الله عليه وسلم لمن لا نخل لهم أن يشتري الرطب على النخل بخرصها تمرا كما وقع في الصحيحين وغيرهما من حديث زيد بن ثابت وفي لفظ في الصحيحين من حديثه "رخص في العرايا يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا "وفي لفظ لهما من حديثه "ولم يرخص في غير ذلك "فهذا جائز والذي أخبرنا بتحريم الربا ومنعنا من المزابنة هو الذي رخص لنا في العرايا والكل حق وشريعة واضحة وسنة قائمة ومن منع ذلك فقد تعرض لرد الخاص بالعام ولرد الرخصة بالعزيمة ولرد السنة بمجرد الرأي وهكذا من منع من البيع وجوز الهبة كما روي عن أبي حنيفة رحمه الله ولكن هذه الرخصة مقيدة بأن يكون الشراء بالوسق والوسقين والثلاثة والأربعة كما وقع في حديث جابر عند الشافعي وأحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان

<<  <  ج: ص:  >  >>