نفذت ذلك البعث فلما جاءت إبل الصدقة أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفي إسناده محمد ابن اسحق وفيه مقال وقوى في الفتح إسناده وأخرج أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي وابن الجارود من حديث سمرة قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة "وهو من رواية الحسن عن سمرة ولم يسمع منه١ وقد جمع الشافعي بين الحديثين بأن المراد به النسيئة من الطرفين فيكون ذلك من بيع الكالىء بالكالىء لا من طرف واحد فيجوز وفي الموطإ أن علي بن أبي طالب باع جملا له يدعى عصيفر بعشرين بعيرا إلى أجل وأن عبد الله بن عمر اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه يوفيها صاحبها بالربذة وسئل ابن شهاب عن بيع الحيوان اثنين بواحد إلى أجل فقال: لا بأس بذلك قال الشافعي: يجوز سواء كان الجنس واحدا أو مختلفا مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم سواء باع واحدا بواحد أو باثنين وقال أبو حنيفة: لا يجوز وفي بيع الحيوان بالحيوان نسيئة خلاف "ولا يجوز بيع العينة"لحديث ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم "أخرجه أحمد وأبو داود والطبراني وابن القطان وصححه وقال الحافظ: رجاله ثقات والمراد بالعينة بكسر العين المهملة بيع التاجر سلعته بثمن إلى أجل ثم يشتريها منه بأقل من ذلك الثمن ويدل على المنع من ذلك ما رواه أبو إسحق السبيعي عن امرأته "أنها دخلت على عائشة فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقع فقالت: يا أم المؤمنين إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة وإني ابتعته منه بستمائة نقدا فقالت لها عائشة: بئسما اشتريت وبئسما شريت إن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بطل إلا أن يتوب "أخرجه الدارقطني وفي إسناده الغالية بنت أيفع وقد روي عن الشافعي أنه لا يصح وقرر كلامه ابن كثير في إرشاده وقد ذهب إلى عدم جواز بيع العينة مالك وأبو حنيفة وأحمد وجوز ذلك الشافعي وأصحابه وقد ورد النهي عن العينة من طرق عقد لهما البيهقي في سننه بابا. أقول: أما بيع أئمة الجور وشراؤهم
١ في سماعه منه خلاف طويل ورجح كثير من أئمة الحديث أنه سمع منه ورجح بعضهم أنه لم يسمع منه إلا حديثا وهو حديث العقيقة.