للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويصنعون بالناس ما أرادوا وليس عليهم إلا الوفاء بالضرائب فإذا استغاث مستغيث بالناس من زيادة الأسعار أو أراد منكر أن ينكر على الباعة ما يفعلونه قالوا: هذه الزيادات للدولة فيلقمون المنكر والمستغيث حجرا وكم أعدد لك من هذه إلا حبولات الشيطانية التي هي السحت بلا شك ولا شبهة نسأل الله أن يصلح الجميع انتهى. ومن هذا القبيل أنواع المكوس على أهل الدور والتجارات والضرائب المتنوعة التي لا تكاد تنحصر على الرعايا في الأشياء المختلفة وكل ذلك من جهة الدول ولا شكوى في ذلك من الكفرة الفجرة الذي استولوا على أكثر البلاد الإسلامية بل من ملوك الإسلام وولاة المسلمين المدعين للتدين بالدين المحمدي والله سبحانه وتعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وانظر في كتابنا إكليل الكرامة في تبيان مقاصد الإمامة يتضح عليك الحق في هذا الباب من الباطل والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم قال الماتن في حاشية الشفاء: اعلم أن باب المصارفة قد صار في هذه الأزمنة بحيث لا يتمكن من الخلوص عن الدخول به في الربا البحت أحد كما عرفناك فيما سبق ثم إن الناس يحتاجون إلى التعامل بهذه الضربة في تصرفاتهم ويضطرون إلى المصارفة بها إلى القرش الفرنجي بذلك المقدار المرسوم لهم فيبيعون الفضة بالفضة مع العلم بالتفاضل وهذا ربا بحت والعارف منهم يستروح إلى حيل قد رآها في كتب الفروع التي لا يرجع غالبها إلى دليل وهي لا تغني من الحق شيئا وها نحن نعرفك بغالب ما يظنونه من الحيل مخلصا له من ورطة الربا فمن ذلك أن بعض المتفقهة الذين لا يعرفون لعلوم الاجتهاد رسما قد أفتاهم بأنه لا ربا في المعاطاة وأن الصرف الذي يفعله الناس الآن هو معاطاة لعدم وقوع العقد وهذا المقصر لا يدري بأن أدلة الكتاب والسنة مصرحة بتحريم الربا من غير نظر إلى عقد بل لم يعتبر الله في البيع إلا مجرد الرضا ومن ذلك ما قاله أيضا بعض المصنفين في الفروع أن الغش في كل واحد من البدلين يكون مقابلا للفضة في الآخر وهذا لا يرضى به عاقل قط وكيف يرضى العاقل أن يبيع تسع أواقي فضة بأوقية نحاس فإن كان مراد هذا القائل أن ذلك مخلص عن الربا سواء رضي كل واحد من المتبايعين بالبدل أم لم يرض فهذا جهل لا علم ومن ذلك أن الغش في كل واحد من البدلين يكون جريرة مسوغة للصرف وهذا يرده حديث القلادة

<<  <  ج: ص:  >  >>