وهي ثابتة في الصحيحين وغيرهما مقيدة بعدم القسمة لأن الجار كما يصدق على الملاصق يصدق على المخالط وأما تقييد شفعة الجار باتحاد الطريق كما في حديث جابر عند أحمد وأبي داود وابن ماجه والترمذي وحسنه قال:"قال النبي صلى الله عليه وسلم "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها إن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا " فهذا الحديث يؤيد ما قلناه من أنه لا شفعة إلا للخليط لأن الطريق إذا كانت واحدة فالخلطة كائنة فيها ولم تقع القسمة الموجبة لبطلان الشفعة لعدم تصريف الطرق فالحق أن سبب الشفعة هو واحد فقط وهو الشركة قبل القسمة والخلطة الكائنة بين الشريكين في المشترك بينهما أو في طريقه أو في مجاريه أو منبعه فما قيل من أن من أسبابها الاشتراك في الطريق والاشتراك في قرار النهر أو مجاري الماء هو راجع إلى السبب الذي ذكرناه لأن الاشتراك في طريق الشئ أو في سواقيه هو اشتراك في بعض ذلك الشئ
والحاصل: أن هذه الأحاديث مخصصة لذلك العموم لأن الظاهر من قوله: "فلا شفعة "أن القسمة مانعة من ثبوت الشفعة سواء كانت القس مة بين المشتري والشفيع أو متقدمة كما يفيده النكرة الواقعة في سياق النفي وقد حقق الماتن المقام في رسالة مستقلة أورد فيها جميع ما ورد في الشفعة من الأدلة وجمع بينها جمعا نفيسا فليرجع إليها وقد حكى في البحر عن علي وعثمان وعمر وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز وربيعة بن مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وعبيد الله بن الحسن والإمامية أن الشفعة لا تثبت إلا بالخلطة وحكي عن أبي حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى وابن سيرين: أن الشفعة تثبت بالجوار واستدلوا بالأحاديث الواردة في شفعة الجار قال في شرح السنة: اتفق أهل العلم على ثبوت الشفعة للشريك في الربع المنقسم إذا باع أحد الشركاء نصيبه قبل القسمة فللباقين أخذه بالشفعة بمثل الثمن الذي وقع عليه البيع وإن باع بشئ متقوم من ثوب أو عبد فيأخذ بقيمته واختلفوا في ثبوت الشفعة للجار قال الشافعي: لا شفعة للجا. وذهب أبو حنيفة: إلى ثبوت الشفعة للجار وفي المنهاج: وكل ما لو قسم بطلت منفعته المقصودة كحمام ورحى لا شفعة فيه في الأصح وفي الموطإ: عن عثمان بن عفان لا شفعة في بئر