للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين وهذا الحكم من أحسن الأحكام وأعدلها ولا يصلح للراهنين غيره وما عداه ففساده ظاهر فإن الراهن قد يغيب ويتعذر على المرتهن مطالبته بالنفقة التي تحفظ الرهن ويشق عليه أو يتعذر رفعه إلى الحاكم وإثبات الرهن وإثبات غيبة الراهن وإثبات أن قدر النفقة عليه قدر حلبه وركوبه وطلبه منه الحكم له بذلك في هذا من العسر والحرج والمشقة ما ينافي الحنيفية السمحة فشرع الشارع الحكم القيم بمصالح العباد وللمرتهن أن يشرب لبن الرهن ويركب ظهره وعليه نفقته وهذا محض القياس لو لم تأت به السنة الصحيحة انتهى ثم أطال في تخريج هذا القياس إلى مالا يسعه هذا القرطاس "ولا يُغلق الرهن بما فيه"لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يغلق١ الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه" أخرجه الشافعي والدارقطني والحاكم والبيهقي وابن حبان في صحيحه وحسن والدارقطني إسناده وقال الحافظ ابن حجز: في بلوغ المرام أن رجاله ثقات إلا أن المحفوظ عند أبي داود وغيره إرساله وأخرجه ابن ماجه من طريق أخرى والرفع زيادة وقد خرجت من مخرج مقبول والمراد بالغلاق هنا استحقاق المرتهن له حيث لم يفكه الراهن في الوقت المشروط وروى عبد الرزاق عن معمر أنه فسر غلاق الرهن بما إذا قال الرجل إن لم آتك بمالك فالرهن لك قال: ثمن بلغني عنه أنه قال: إن هلك لم يذهب حق هذا إنما هلك من رب الرهن له غنمه وعليه غرمه وقد روي أن المرتهن في الجاهلية كان يتملك الرهن إذا لم يؤد الراهن إليه ما يستحقه في الوقت المضروب فأبطله الشارع والغنم والغرم هنا هو أعم مما تقدم من أن الظهر يركب بنفقة المرهون واللبن يشرب قال في الحجة البالغة: ومبنى الرهن على الاستيثاق وهو بالقبض فلذلك اشترط فيه ولا اختلاف عندي بين حديث "لا يغلق الرهن" وحديث "الظهر يركب" الخ لأن الأول هو الوظيفة لكن إذا امتنع الراهن من النفقة عليه وخيف الهلاك وأحياه المرتهن فعند ذلك ينتفع به بقدر ما يراه الناس


١قال ابن الثير: "يقال غلق. بكسر اللام. الرهن يغلق بفتحها. غلوقا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه والمعنى أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستكفه صاحبه وكان هذا من فعل الجاهلية أن الراهن إذا لم يؤد ما عليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن فأبطله الإسلا".

<<  <  ج: ص:  >  >>