الوزغ ونحو ذلك والنهي عن قتله كالنملة والنحلة والهدهد والصرد والضفدع ونحو ذلك ولم يأت عن الشاعر ما يفيد تحريم أكل ما أمر بقتله أو نهي عن قتله حتى يكون الأمر والنهي دليلين على ذلك ولا ملازمة عقلية ولا عرفية فلا وجه لجعل ذلك أصلا من أصول التحريم بل إن كان المأمور بقلته أو المنهي عن قتله مما يدخل في الخبائب كان تحريمه بالآية الكريمة وإن لم يكن من ذلك كان حلالا عملا بما أسلفنا من أصالة الحل وقيام الأدلة الكلية على ذلك ولهذا قلنا "وما عدا ذلك فهو حلال"قال الشافعي: ما لم يرد فيه نص تحريم ولا تحليل ولا أمر بقتله ولا نهي عن قتله فالمرجع فيه إلى العرب من سكان البلاد والقرى دون أجلاف البوادي فإن استطابته العرب أو سمته باسم حيوان حلال فهو حلال وإن استخبثته أو سمته باسم حيوان حرام فهو حرام فأما ما أمر الشرع بقتله أو نهى عن قتله فلا يكون حلالا فقد قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم "خمس يقتلن في الحل والحرم "الحديث وأمر بقتل الوزغ ونهى عن قتل أربعة من الدواب النملة والنحلة والصرد والهدهد وبالجملة: فتحل الطيبات وتحرم الخبائث لقوله تعالى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} والطيبات ما تستطيبه العرب وتستلذه من غير أن ورد بتحريمه نص من كتاب أو سنة قال الماتن في حاشية الشفاء: إن القول بكراهية أكل الأرنب لا مستند له بخلاف الضب فإنه قد ورد النهي عن أكله كما أخرجه أبو داود وثبت في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب ولا أدري لعل هذا منها" والنهي حقيقة في التحريم لولا ما ثبت في الصحيحين من حديث جماعة من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم بأكل الضب فقال لهم "كلوه فإنه حلال ولكن ليس من طعامي" فإن هذا الحديث يصرف النهي عن حقيقته إلى مجازه وهو الكراهة وحديث تردده صلى الله عليه وسلم في كونه ممسوخا مؤيد لذلك وأما أكل التراب فلم يصح في المنع منه شئ لكنه من أسباب العلل الصعبة التي يتأثر عنها انحلال البنية وقد نهى الله سبحانه عن قتل الأنفس