للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكلام على قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} إن الظاهر أنه ما ذبح لغير الله مثل أن يقال: هذا ذبيحة لكذا وإذا كان هذا هو المقصود فسواء لفظ به أو لم يلفظ وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه للحم وقال فيه باسم المسيح ونحوه كما أن ما ذبحناه متقربين به إلى الله كان أزكى وأعظم مما ذبحناه للحم وقلنا عليه باسم الله فإذا حرم ما قيل فيه باسم المسيح أو الزهرة فلأن يحرم ما قيل فيه لأجل المسيح أو الزهرة وقصد به ذلك أولى فإن العبادة لغير الله أعظم كفرا من الاستعانة بغير الله وعلى هذا فلو ذبح لغير الله متقربا إليه يحرم وإن قال فيه باسم الله كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة الذين قد يتقربون إلى الكواكب بالذبح والبخور ونحو ذلك وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبيحتهم بحال لكونه يجتمع في الذبيحة ما نعان: الأول أنه مما أهل لغير الله به والثاني أنها ذبيحة مرتد ومن هذا الباب ما يفعله الجاهلون بمكة من الذبح للجن ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن ذبائح الجن انتهى قال الزمخشري: كانوا إذا اشتروا دارا أو بنوها أو استخرجوا عينا ذبحوا ذبيحة خوفا أن تصيبهم الجن فأضيفت إليهم الذبائح لذلك انتهى كلام فتح المجيد وقد نقل الشوكاني أيضا العبارة المتقدمة لشيخ الإسلام في رسالته الدر النضيد واستدل به على تحريم ما ذبح لغير الله تعالى سواء لفظ به الذابح عن الذبح أو لم يلفظ وهذا هو الحق "وإذا تعذر الذبح لوجه جاز الطعن والرمي وكان ذلك كالذبح"لحديث أبي العشراء عن أبيه "قلت يا رسول الله: أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة قال: "لو طعنت في فخذها لا جزأك" أخرجه أحمد وأهل السنن وفي إسناده مجهولون وأبو العشراء لا يعرف من أبوه ولم يرو عنه غير حماد بن سلمة فهو مجهول فلا تقوم الحجة بروايته والذي يصلح للاستدلال به حديث رافع بن خديج في الصحيحين وغيرهما قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فند١ بعير من إبل القوم ولم يكن معهم خيل فرماه رجل بسهم فحبسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذه البهائم أوابد كأوابد٢ الوحش فما فعل منها هذا فافعلوا به هكذا""وذكاة الجنين ذكاة أمه"لحديث أبي سعيد عند أحمد وابن ماجه وأبي داود والترمذي والدارقطني


١ ند البعير إذا شرد وذهب على وجهه.
٢ الأوابد جمع آبد وهي التي قد توحشت ونفرت من الإنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>