أن الإجابة إلى وليمة العرس مستحبة كغيرها والأدلة المذكورة تدل على الوجوب لا سيما بعد التصريح بأن من لم يجب فقد عصى الله ورسوله أقول: أحاديث الأمر بإجابة دعوة الوليمة معناها حقيقة الوجوب مقيدة بعدم المانع من منكر أو مباهاة أو حضور الأغنياء فقط أو نحو ذلك ولم يأت ما يدل على صرف تلك الأوامر عن معناها الحقيقي ووقع الخلاف في إجابة دعوة غير العرس هل تجب أم لا؟ فمن قال بالوجوب استدل بالرواية المطلقة المذكورة ومن قال بعدم الوجوب قال المطلقة محمولة على المقيدة وقد أوضح الماتن ما هو الحق في شرح المنتقى قال البغوي: من كان له عذرا وكان الطريق بعيدا يلحقه المشقة فلا بأس أن يتخلف وفي الأنوار من شروط وجوب الإجابة إلى الوليمة أن يعم عشيرته أو جيرانه أو أهل حرفته أغنياءهم وفقرءاهم فإن خص الأغنياء فلا يجب ولو دعا أهل حرفته وهم أغنياء لزمتهم الإجابة قال في المسوى: في كونه شرطا لوجوب الإجابة نظر لأن معنى كلام أبي هريرة إثبات الشرية لهذا الطعام بوجه من الوجوه وإثبات المعصية لمن لم يأتها وذلك صادق بأن يكون تخصيص الأغنياء مكروها للداعي ولا يكون مانعا لتأكد الإجابة ويقدَّم السابق ثم الأقرب بابا لحديث حمد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابا فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق" أخرجه أحمد وأبو داود وفي إسناده زيد بن عبد الرحمن الدالاني وقد وثقه أبو حاتم وضعفه ابن حبان وأخرج البخاري وغيره من حديث عائشة أنها سألت النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقالت: إن لي جارين فإلى أيهما أهدي فقال: إلى أقربهما منك بابا" فهذا يشعر باعتبار القرب في الباب "ولايجوز حضورها إذا اشتملت على معصية" لحديث علي عند ابن ماجه بإسناد رجاله رجال الصحيح قال: "صنعت طعاما فدعوت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع" وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم من حديث ابن عمر قال: "نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن مطعمين عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر وأن يأكل وهو منبطح على بطنه" وفي إسناده انقطاع وقد ورد النهي عن القعود على المائدة التي