للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الداء وما أحب أن أكتوي"وقد تقدم حديث ابن عباس مثله وقد ثبت من حديث أنس عند الترمذي وأبي داود بإسناد صحيح قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل١ وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين"وأخرج أبو داود من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء" ولا بأس بإسناده وفي الباب أحاديث متضمنة لذكر الأيام التي ينبغي فيها الحجامة وليس المراد هنا إلا الاستدلال على جوازها قلت: وعلى هذا عمل المسلمين "و" لا بأس "بالرقية" وحقيقتها تمسك بكلمات لها تحقق في المثال وأثر القواعد الملية لا تدفعها ما لم يكن فيها شرك ولا سيما إذا كان من القرآن أو السنة أو ما يشبهما من التضرعات إلى الله تعالى وكل حديث فيه نهي عن الرقي والتمائم والتولة٢ فمحمول على ما فيه شرك أو انهماك في التسبب بحيث يغفل عن الباري جل شأنه وفي المسوى اختلفت الأحاديث في الاسترقاء ووجه الجمع أن تحمل على الأحوال المتغايرة فالمنهي من الرقى ما كان فيه شرك أو كان يذكر فيه مردة الشياطين أو ما كان منها بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخل فيه سحر أو كفر وأما ما كان بالقرآن وبذكر الله تعالى فإنه مستحب ثم للرقية أنواع بعضها مأثور عن السلف فقد روي عن عائشة أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء أي يقرأ التعوذ وينفث في الماء ثم يعالج به المريض وقال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض وأمر ابن عباس رجلا أن يكتب لامرأة تعسر عليها الولادة آيتين من القرآن وكلمات ثم يغسل وتسقى وسئل سعيد بن المسيب عن الصحف الصغار يكتب فيها القرآن تعلق على النساء والصبيان فقال: لا بأس بذلك إذا جعل في كبر من ورق أو شئ من الأديم أو يخرز عليه وقد روي النفث في الأحاديث المرفوعة "بما يجوز من العين وغيرها" لحديث أنس عند مسلم وغيره قال: "رخص رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في الرقية من العين والحمة٣ والنملة"والمراد بالحمة السم من ذوات السموم وبالنملة


١ الأخدعان عرقان في جانب العنق والكاهل ما بين الكتفين.
٢ التولة بكسر التاء المثناة وفتح الواو ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره.
٣ بضم الحاء وفتح الميم المخففة.

<<  <  ج: ص:  >  >>