للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم معصوم في غضبه ورضائه بخلاف غيره فإن الغضب يحول بينه وبين الحق ويختلط حال الغضب ويتشوش خاطره ويتكدر ذهنه ويذهل عن الصواب فلا يصلح الاستدلال بقضائه صلى الله عليه وسلم حال غضبه لهذا الفرق فالحق أن حكم الحاكم حال الغضب حرام وأما كونه يصح أو لا يصح فينبغي النظر في نفس الحكم فإن كان واقعا على الصواب فالاعتبار بذلك ومجرد صدوره حال الغضب لا يوجب بطلانه وهو صواب وإن كان واقعا على خلاف الصواب فهو باطل وإذا التبس الأمر هل هو صواب أو خطأ كما يحصل الاشتباه في كثير من مسائل الخلاف فالاعتبار بما رآه الحاكم صوابا لأنه متعبد باجتهاده فإن وجد حكمه الواقع حال الغضب بعد سكون غضبه صحيحا موافقا لما يعتقده حقا فهو صحيح لازم للمحكوم عليه وإن كان آثما بإيقاع الحكم حال الغضب كما تقدم فلا ملازمة بين الإثم وبطلان الحكم ثم ظاهر النهي التحريم وقد ذهب الجمهور إلى أنه يصح حكم الغضبان أن وافق الحق قال ابن القيم: ليس للمفتي الفتوى في حال غضب شديد أو جوع مفرط أو هم مقلق أو خوف مزعج أو نعاس غالب أو شغل قلب مستول عليه أو حال مدافعة الأخبثين بل متى أحس منه نفسه شيئا من ذلك يخرجه عن حال اعتداله وكمال نيته وبنيته أمسك عن الفتوى فإن أفتى في هذه الحال بالصواب صحت فتياه ولو حكم في هذه الحال فهل ينفذ حكمه أولا ينفذ فيه ثلاثة أقوال: النفوذ وعدمه والفرق بين أن يعرض له الغضب بعد فهم الحكومة فينفذ وبين أن يكون سابقا على فهم الحكومة فلا ينفذ في مذهب الإمام أحمد "وعليه التسوية بين الخصمين إلا إذا كان أحدهما كافرا" لحديث علي عند أبي أحمد الحاكم في الكنى أنه جلس بجنب شريح في خصومة له مع يهودي فقال: لو كان خصمي مسلما جلست معه بين يديك ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تساووهم في المجالس" وقد قال أبو أحمد الحاكم بعد إخراجه إنه منكر وأورده ابن الجوزي في العلل من هذا الوجه وقال: لا يصح ورواه البيهقي من وجه آخر من طريق جابر الجعفي عن الشعبي قال: خرج علي إلى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعا فعرف علي الدرع وذكر الحديث وفي إسناده عمرو بن سمرة عن جابر الجعفي وهما ضعيفان وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم وصححه من حديث عبد الله بن

<<  <  ج: ص:  >  >>