ولا من السنة ومعظم ما وقع التعويل عليه هو قوله تعالى في حد الزنا:{فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ولا يخفى أن ذلك في حد آخر غير حد القذف فإلحاق أحد الحدين بالآخر فيه إشكال لا سيما مع اختلاف العلة وكون أحدهما حقا لله محضا والآخر مشوبا بحق آدمي قال في المسوى: من رمى إنسانا بالزنا فإن كان المقذوف محصنا يجب على القاذف جلد ثمانين إن كان حرا فإن كان عبدا فجلد أربعين فإن كان المقذوف غير محصن فعلى قاذفه التعزير وكذا لا حد في النسبة إلى غير الزنا إنما فيه التعزير وشرائط الإحصان خمسة: الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والعفة من الزنا حتى إن من زنى في أول بلوغه ثم تاب وحسنت حالته وامتد عمره فقذفه قاذف لا حد عليه وعلى هذا أهل العلم وإذا عفا المقذوف لم يجلد قاذفه وإذا قذف أبوا رجل وقد هلكا فله المطالبة بالحد وفي الأنوار حد القاذف وتعزيره حق الآدمي يورث عنه ويسقط بعفوه وعفو وارثه إن مات أو قذف ميتا وهو حق جميع الورثة وفي الهداية لا يصح عفو المقذوف عندنا وفيها لو قال يا ابن الزانية وأمه ميتة محصنة فطالب الابن بحد القذف حد القاذف لأنه قذف محصنة ولا يطالب بحد القذف للميت إلا من يقع القدح في نسبه بقذفه وهو الوالد والولد ومذهب الشافعية والحنفية أن الوالد لا يجلد بقذفه ولده وإذا قذف جماعة جلد حدا واحدا وعليه أبو حنيفة وقال الشافعي: إذا اختلف المقذوف فلا تداخل والتعريض الظاهر ملحق بالصريح وعليه مالك وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يلحق به ولا يحد إلى بالصريح أقول: التحقيق أن المراد من رمي المحصنات المذكور في كتاب الله عز وجل هو أن يأتي القاذف بلفظ يدل لغة أوشرعا أو عرفا على الرمي بالزنا ويظهر من قرائن الأحوال أن المتكلم لم يرد إلا ذلك ولم يأت بتأويل مقبول يصح حمل الكلام عليه فهذا يوجب حد القذف بلا شك ولا شبهة وكذلك لو جاء بلفظ لا يحتمل الزنا أو يحتمله احتمالا مرجوحا وأقر أنه أراد الرمي بالزنا فإنه يجب عليه الحد وأما إذا عرض بلفظ محتمل ولم تدل قرينة حال ولا مقال على أنه قصد الرمي بالزنا فلا شئ عليه لأنه لا يسوغ إيلامه بمجرد الاحتمال "ويثبت ذلك بإقراره مرة" لكون إقرار المرء لازما له ومن ادعى أنه يشترط التكرار مرتين فعليه الدليل ولم يأت في ذلك دليل من كتاب ولا سنة "أو بشهادة عدلين" كسائر