للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النظم القرآني فإن قلت: كيف عقوبة الصلب هل يفعل به ما يصدق عليه مسمى الصلب ولو كان قليلا قلت يفعل به ما يصدق عليه أنه صلب عند أهل اللغة فإن كان الصلب عندهم هو الذي يفضي إلى الموت فذاك وإن كان أعم منه فالامتثال يحصل بفرد من أفراده وقال الشافعي: المكابرون في الأمصار قطاع وقال أبو حنيفة: لا وظاهر مذهب الشافعي في صفة الصلب أنه يقتل ويغسل ويصلى عليه ثم يصلب ثلاثا ثم ينزل ويدفن وقيل يصلب حيا ثم يطعن حتى يموت مصلوبا وقال أبو حنيفة: لا يغسل ولا يصلى على قاطع الطريق ومعنى النفي عند الحنفية الحبس حتى يرى عليه أثر الصلاح وعند الشافعي للإمام أن يحبس أو يغرب أو يطلبه للتعزيز والطلب نفي أيضا لأنه حامل على هربه "يفعل الإمام منها مارأى فيه صلاحا لكل من قطع طريقا ولو في المصر إذا كان قد سعى في الأرض فسادا" هذا ظاهر ما دل عليه الكتاب العزيز من غير نظر إلى ما حدث من المذاهب فإن الله سبحانه قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً} فضم إلى محاربة الله ورسوله أي معصيتهما السعي في الأرض فسادا فكان ذلك دليلا على أن من عصى الله ورسوله بالسعي في الأرض فسادا كان حده ما ذكره الله في الآية ولما كانت الآية الكريمة نازلة في قطاع الطريق وهم العرنيون كان دخول من قطع طريقا تحت عموم الآية دخولا أوليا ثم حصر الجزاء في قوله: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} فخير بين هذا الأنواع فكان للإمام أن يختار ما رأى فيه صلاحا منها فإن لم يكن إمام فمن يقوم مقامه في ذلك من أهل الولايات فهذا ما يقتضيه نظم القرآن الكريم ولم يأت من الأدلة النبوية ما يصرف ما يدل عليه القرآن الكريم عن معناه الذي تقتضيه لغة العرب وأما ما روي عن ابن عباس كما أخرجه الشافعي في مسنده أنه قال في قطاع الطريق: "إذا قتلوا وأخذوا الأموال صلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض "فليس هذا الاجتهاد مما تقوم به الحجة على أحد ولو فرضنا أنه في حكم التفسير للآية وإن كان مخالفا لها غاية المخالفة ففي إسناده ابن أبي يحيى وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>