للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النساء المشركات لا يقتلن وليس ذلك محل النزاع ثم قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قتل عدة نساء كاللاتي أمر بقتلهن يوم الفتح لما كان يقع منهن السب له وكذلك قتل امرأتين من بني قريظة وغير ذلك ثم ليس النهي عن قتل النساء مستلزما لتركهن على الكفر إذا امتنعن من الإسلام والجزية فإنه لا يجوز التقرير على الكفر فإذا قالت امرأة لا أسلم أبدا ولا أعطي الجزية وصممت على ذلك كان تركها حينئذ كافرة غير جائز لأحد من المسلمين ومن ههنا يلوح لك أن النهي عن قتل النساء إنما هو لأجل كونهن مستضعفات يحصل منهن الانقياد للإسلام بدون ذلك وليس عندهن غناء في القتال ولهذا كان سبب النهي عن قتلهن أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة فقال: "ما كانت هذه لتقاتل ثم نهى عن قتلهن" فانظر كيف جعل النهي عن قتلهن معللا بعدم المقاتلة وأما قول بعض أهل العلم إن المتأول كالمرتد فههنا تسكب العبرات ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر لا بسنة ولا قرآن ولا لبيان من الله ولا لبرهان بل لما غلت مراجل العصبية في الدين وتمكن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين لقنهم الزمان بعضهم لبعض بما هو شبيه الهباء في الهواء والسراب في البقعية١ فيالله وللمسلمين من هذه الفاقرة٢ التي هي أعظم فواقر الدين والرزية التي ما رزيء بمثلها سبيل المؤمنين وأنت إن بقي فيك نصيب من عقل وبقية من مراقبة الله عز وجل وحصة من الغيرة الإسلامية علمت وعلم كل من له علم بهذا الدين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الإسلام قال في بيان حقيقته وإيضاح مفهومه إنه: "إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" والأحاديث بهذا المعنى متواترة فمن جاء جاء بهذه الأركان الخمسة وقام بها حق القيام فهو المسلم على رغم أنف من أبى ذلك كائنا من كان فمن جاءك بما يخالف هذا من ساقط القول وزائف العلم بالجهل فاضرب به في وجهه وقل له قد تقدم هذيانك هذا


١ كذا في الصل وصوابه القيعة "جمع قاع كاجيرة جمع جار والقاع ما انبسط من الأرض واتسع وفيه يكون السراب"
٢ الفاقرة الداهية التي تكسر الظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>