للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو لا يعتقد معناه فإن قلت قد ورد في السنة ما يدل على كفر من حلف بغير ملة الإسلام وورد في السنة المطهرة ما يدل على كفر من كفر مسلما كما تقدم وورد في السنة المطهرة إطلاق الكفر على من فعل فعلا يخالف الشرع كما في حديث "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" ونحوه مما ورد مورده وكل ذلك يفيد أن صدور شئ من هذه الأمور يوجب الكفر وإن لم يرد قائله أو فاعله به الخروج من الإسلام إلى ملة الكفر قلت: إذا ضاقت عليك سبل التأويل ولم تجد طريقا تسلكها في مثل هذه الأحاديث فعليك أن تقرها كما وردت وتقول من أطلق عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم اسم الكفر فهو كما قال ولا يجوز إطلاقه على غير من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين كافرا إلا من شرح بالكفر صدرا فحينئذ تنجو من معرة الخطر وتسلم من الوقوع في المحنة فإن الإقدام على ما فيه بعض البأس لا يفعله من يشح على دينه ولا يسمح به فيما لا فائدة فيه ولاعائدة فكيف إذا كان على نفسه إذا أخطأ أن يكون في عداد من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم كافرا أفهذا يقود إليه العقل فضلا عن الشرع ومع هذا فالجمع بين أدلة الكتاب والسنة واجب وقد أمكن هنا بما ذكرناه فتعين المصير إليه فحتم على كل مسلم أن لا يطلق كلمة الكفر إلا على من شرح به صدرا ويقصر ماورد مما تقدم مورده

وهذا الحق ليس به خفاء ... فدعني عن بنيات١ الطريق

ويأبى٢ الفتى إلا اتباع الهوى ... ومنهج الحق له واضح

وكيف يحكم بالكفر على من حكى قولا كفريا صدر من كافر فإن القرآن الكريم قد اشتمل على ما يأبى عنه الحصر من حكاية ما هو كفر بواح من أقوال الكفار وهكذا لا يحكم بكفر من كفر مكرها فقد استثناه القرآن الكريم بقوله: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ} وكفى به اهـ. "والساحر" لكون عمل السحر نوعا من الكفر ففاعله مرتد يستحق ما يستحقه المرتد وقد روى الترمذي والدارقطني والبيهقي والحاكم من حديث جندب قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: "حد الساحر


١ بنيات الطريق – بالتصغير – هي الطرق الصغار التي تتشعب من الجادة.
٢ ويأبي الواو للعطف وووليست من البيت اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>