للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج أبو داود من حديث علي "أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم وتقع فيه فخنقها رجل حتى ماتت فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم دمها" ولكنه من رواية الشعبي عن علي وقد قيل إنه ما سمع منه وأخرج أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس "أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها فأهدر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم دمها" ورجال إسناده ثقات وأخرج أبو داود والنسائي عن أبي برزة قال: "كنت عند أبي بكر فتغيظ علي رجل فاشتد غضبه فقلت: أتأذن لي يا خليفة رسول الله أن أضرب عنقه قال: فأذهبت كلمتي غضبه فقام فدخل فأرسل إلي فقال: ما الذي قلت آنفا قلت: ائذن لي أضرب عنقه قال: أكنت فاعلا لو أمرتك قلت نعم قال: لا والله ما كان لبشر بعد محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم" وقد نقل ابن المنذر الإجماع على أن من سب النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وجب قتله ونقل أبو بكر الفارسي أحد أئمة الشافعية في كتاب الإجماع أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم بما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء فلو تاب لم يسقط عنه القتل لأن حد قذفه القتل وحد القذف لا يسقط بالتوبة وخالفه القفال فقال: كفر بالسب فيسقط القتل بالإسلام قال الخطابي: لا أعلم خلافا في وجوب قتله إذا كان مسلما اهـ وإذا ثبت ما ذكرنا في سب النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فبالأولى من سب الله تبارك وتعالى أو سب كتابه أو الإسلام أو طعن في دينه وكفر من فعل هذا لا يحتاج إلى برهان أقول: وقريب من هذا من جعل سب الصحابة شعاره ودثاره فإنه لا مقتضى لسبهم قط ولا حامل عليه أصلا إلا غش الدين في قلب فاعله وكراهة الإسلام وأهله فإن هؤلاء هم أهله على الحقيقة أقاموه بسيوفهم وحفظوا هذه الشريعة المطهرة ونقلوها إلينا كما هي فرضي الله عنهم وأرضاهم وأقمأ١ المشتغلين بثلبهم وتمزيق أعراضهم المصونة وقد رأينا في التواريخ ما صار يفعله أهل الشام والمغرب من قتل من كان كذلك بعد مرافعته إلى حكام الشريعة وحكمهم بسفك دمائهم وهذا وإن كان عندنا غير جائز لما عرفناك من عصمة دم المسلم حتى يقوم الدليل الدال على جواز سفكه ولكن فيه القيام التام بحقوق أساطين الإسلام "والزنديق" وهو الذي يظهر


١ القماءة الذلة والصغار. وأقمأه صغره وذلله.

<<  <  ج: ص:  >  >>