يقتضي عدمها عدمه وأركانه كذلك لأن عدم الركن يوجب عدم وجود الصورة المأمور بها على الصفة التي اعتبرها الشارع وما كان كذلك لا يجزئ إلا أن يقوم دليل على أن مثل ذلك الركن لا يخرج الصورة المأمور بها عن كونها مجزئة كما يقول بعض أهل العلم في الاعتدال وقعود التشهد وإن كان الحق خلاف ما قال وأما الواجبات فغاية ما يستفاد من دليلها وهو مطلق الأمر أن تركها معصية لا أن عدمها يستلزم عدم الصورة المأمور بها إذا تقرر هذا لاح لك أن هذه الفروض المعدودة في هذا الباب متوافقة في ذات بينها والفرض والواجب مترادفان على ما ذهب إليه الجمهور وهو الحق وحقيقة الواجب ما يمدح فاعله ويذم تاركه والمدح على الغعل والذم على الترك لا يستلزمان البطلان بخلاف الشرط فإن حقيقته ما يستلزم عدمه عدم المشروط كما عرفت فاحفظ هذا التحقيق تنتفع به في مواطن وقع التفريع فيها مخالفا للتأصيل وهو كثير الوجود في مؤلفات الفقهاء من جميع المذاهب وكثيرا ما تجد العارف بالأصول إذا تكلم في الفروع ضاقت عليه المسالك وطاحت عنه المعارف وصار كأحد الجامدين على علم الفروع إلا جماعة منهم {وَقَلِيلٌ مَا هُمْ}{وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} إلا قعود التشهد الأوسط لكونه لم يأت في الأدلة في ما يدل على وجوبه بخصوصه كما ورد في قعود التشهد الأخير فإن الأحاديث التي فيها الأوامر بالتشهد قد اقترنت بما يفيد أن المراد التشهد الأخير فإن قلت: قد ذكر التشهد الأوسط في حديث المسيء كما في رواية لأبي داود من حديث رفاعة ولم يذكر فيه التشهد الأخير قلت: تقوم الحجة بمثل ذلك ولا يثبت به التكليف العام والتشهد الأخير وإن لم يثبت ذكره في حديث المسيء فقد وردت به الأوامر وصرح الصحابة بافتراضه وقد أوضح ذلك شيخنا العلامة الشوكاني في حاشية الشفاء إيضاحا حسنا فلتراجع. "والاستراحة" لكونه لم يأت دليل يفيد وجوبها وذكرها في حديث المسيء وهم كما صرح بذلك البخاري, ولا يجب من أذكارها أي الصلاة إلا التكبير لقوله تعالى:{وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} ولقوله صلى الله وسلم عليه في حديث المسيء: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر" ولما ورد من أن تحريم الصلاة التكبير. أقول: تعيين التكبير للدخول في الصلاة محكم صريح لقوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: