للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} الآية: ٣

[١٨٦٠] أخرج الفاكهي من طريق القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمر "إن امرأة كانت يقال لها أم مهزول تسافح في الجاهلية، فأراد بعض الصحابة أن يتزوجها فنزلت {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} ١.


١ فتح الباري ٩/١٨٥.
للعلماء في المراد بالنكاح في هذه الآية قولان: الوطء أو العقد. وفي الآية قرينة تمنع كون المراد به العقد، وهي ذكر المشرك والمشركة؛ فإن الزاني المسلم لا يحل له نكاح المشركة، وكذلك الزانية المسلمة لا يحل لها نكاح المشرك، لقوله تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة:٢٢١] ، ولقول {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [سورة الممتحنة:١٠] . وهو اختيار ابن جرير أيضا. انظر: جامع البيان ١٨/٧٥، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٢/١١٢، وتفسير ابن كثير ٦/٨.
كما اختلفوا في النهي عن نكاح الزانية، فقيل: هو للتنزيه أو التحريم، وقيل: إن ذلك منسوخ بقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور:٣٢] . وهو قول ابن المسيب والشافعي. والحديث يقوي قول من يرى أن الآية محكمة لم تنسخ، وأن تحريم زواج الأعفّاء من المسلمين بالزواني، والزناة بالعفيفات ما زال باقيا ما لم تصح التوبة منهما. وقد نقل ابن كثير عن الإمام أحمد قال: لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تستتاب، فإن تابت صحّ العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح، حتى يتوب توبة صحيحة، لقوله تعالى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} .
انظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي ص ٤٠٤-٤٠٥، وتفسير ابن كثير ٦/٧، ٨، ١١، ومسند الإمام أحمد بتحقيق: الشيخ الأرناؤط ١١/١٨ الحاشية.
والحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٢/١٥٩، ٢٢٥، والنسائي في تفسيره رقم٣٧٩، وابن جرير ١٨/٧١، وابن أبي حاتم في تفسيره رقم١٤١٤٠ والحاكم ٢/١٩٣ - ١٩٤ والبيهقي في سننه ٧/١٥٣ كلهم من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحضرمي، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عمرو، نحوه.
وقد ضعفه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند رقم١٥٠٢، ٦٤٨٠ وقال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>