وقد سار على ذلك صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فـ أبو بكر الصديق رضي الله عنه عند أن كانوا بمكة بنى مسجداً بفناء داره، وكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فتتقصف عليه نساء المشركين -أي: تجتمع- وأبناؤهم يتعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلاً بكاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، وهذا ليس خاصاً بـ أبي بكر رضي الله عنه، بل إن عمر رضي الله عنه -مع ما عرف به من الشدة والقوة- كان بكاءً، يقول من روى من أصحاب السير: إن عمر رضي الله عنه صلى بالجماعة الصبح، فقرأ سورة يوسف فبكى حتى سالت دموعه على ترقوته.
وفي رواية: كان في صلاة العشاء، أي: كان يقرأ ذلك في صلاة العشاء، فهذا يدل على كثرة تكراره لهذه السورة، وأنه رضي الله عنه كثير البكاء، ويقول: عبد الله بن شداد بن الهاد: سمعت نشيج عمر بن الخطاب وأنا في آخر الصفوف في صلاة الصبح يقرأ في سورة يوسف: {إِنَّمَا أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف:٨٦].
أيها الإخوة! إن الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم في البكاء والتأثر بتلاوة القرآن عديدة وكثيرة، لكن هذه وقفة مع حال السلف في التأثر والبكاء عند قراءة القرآن.