بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيا أيها الإخوة الكرام! قرأتم ما اختاره إخوانكم عنواناً في هذا اللقاء وهو: (مَن أسعدُ الناس؟).
إن هذا العنوان اشتمل إشارة إلى ما يسعى إليه الجميع، وما يتسابق إليه الناس جميعاً على اختلاف أصولهم وأجناسهم وجهاتهم وألوانهم وألسنتهم، فالكل يسعى ويسير سيراً حثيثاً لإدراك هذه الغاية، وهي السعادة التي يحصل بها للإنسان نعيم الدنيا، هذا هو حال كثيرٍ من الناس في سعيهم وراء هذا الأمر، فإن كثيراً من الناس يقصرون السعادة على هذه البرهة القصيرة، والفترة الوجيزة من مراحل العمر، ومن منازل الإنسان، وهي منزلته في هذه الدنيا، وهذه الدنيا وصفها الله جلَّ وعلا فقلل من شأنها في كتابه، وبيَّن أنها متاع قليل، فمهما حصل فيها من الصفاء والجودة والجمال فإنها مؤذنة بالزوال، وهي راحلة ينتقل منها الناس ويصيرون إلى دار يستقرون فيها؛ وهي الدار التي ينبغي لهم أن يسعوا إلى تحقيق السعادة فيها.