[اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم سبب لحياة القلوب]
قال الله جلَّ وعلا:{وَاتَّبِعُوهُ} أي: واتبعوا هذا النبي الأمي {لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الأعراف:١٥٨] أي: رجاء أن تحصل لكم الهداية.
ومما حث الله سبحانه وتعالى به هذه الأمة على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جعل اتباعه والاستجابة لندائه صلى الله عليه وسلم سبباً للحياة الكاملة والحياة الطيبة، فقال الله جلَّ وعلا مخاطباً المؤمنين، منادياً أهل الإيمان:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}[الأنفال:٢٤]، أمر الله جلَّ وعلا في هذه الآية بالمسارعة إلى الاستجابة إلى الله ورسوله، ثم بيَّن ما الذي يدعونا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمره وفي نهيه وفي قوله وفي تركه وفي فعله وفي كل ما دعانا إليه قولاً أو فعلاً، ما الذي يريده صلى الله عليه وسلم من ذلك؟ إنه يريد لنا الحياة الكاملة في هذه الدنيا، والحياة الكاملة في الآخرة.
أما الحياة الكاملة في الدنيا: فإن أسعد الناس وأكملهم حياةً هم أتباع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فالحياة الكاملة إنما تحصل بالاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الآخرة: فأتباعه لهم الجنة التي قال الله جلَّ وعلا في وصفها: {وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ}[العنكبوت:٦٤]، انظر كيف قال:(الْحَيَوَانُ)! أتى بصيغة (فَعَلان) التي تدل على امتلاء الحياة، أي: إن الحياة الكاملة التامة التي يتمتع بها الإنسان، وينال بها كمال مبتغياته؛ هي الدار الآخرة، وذلك في الجنة نسأل الله أن نكون من أهلها! فإذا كان هذا شأن الإنسان في هذه الدنيا إذا اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا شأنه إذا اتبع رسوله صلى الله عليه وسلم في الآخرة، أي: أن الله يجزيه (الحيوان)، وهي الجنة التي أعد الله فيها لعباده المتقين الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ كان هذا حافزاً لأولي الألباب، وأصحاب البصائر والعقول، الذين تنفذ بصائرهم وأبصارهم من هذه الدنيا إلى الآخرة، إلى مزيد عمل صالح، واقتفاء للنبي صلى الله عليه وسلم في الظاهر والباطن، واعلم أن كل هديٍ، وكل سنةٍ صغيرةٍ أو كبيرةٍ، ظاهرةٍ أو باطنةٍ، دقيقةٍ أو جليلةٍ، من سنن النبي صلى الله عليه وسلم هي من أسباب الحياة، فبقدر أخذك من سننه وهديه وعمله صلى الله عليه وسلم بقدر ما تأخذ من أسباب الحياة في الدنيا، ومن أسباب الحياة في الآخرة.