إن التدبر والبكاء المطلوب ليس آنياً محصوراً في وقت القراءة، ولا يثمر أثراً، ولا تحصل به ثمرة بعد القراءة، بل إن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يتأثرون تأثراً ممتداً غير منقطع؛ ولذلك كانت أعمالهم رضي الله عنهم على خير حال، وعلى خير مطلوب؛ لأن تأثرهم بالقرآن أثمر في حياتهم رضي الله عنهم.
والواقع في حياة الناس اليوم أنك تجد في بعض الصلوات من يبكي عند قراءة القرآن بكاءً خاشعاً، إلا أن هذا لا يتجاوز حدود المسجد الذي حصل فيه التأثر، وحصل فيه البكاء، فليس لهذا البكاء أثر في العمل، ولا أثر في السلوك، ولا أثر في الأخلاق، ولا أثر في ترك المعصية، ولا أثر في الإقبال على الطاعة، ولا شك أن هذا قصور وتقصير فيما ينبغي أن يكون عليه المسلم المتأثر بالقرآن، قال الله جل وعلا في بيان أثر القرآن على من اتبعه وأخذ به:{فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}[طه:١٢٣]، لا يضل في عمله، ولا يشقى في مآله، ولا في حاله، فهو سالم من الضلال، وسالم من الشقاء.