أيها الإخوة الكرام! إن أسعد الناس هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا شك في هذا، فإن الله جلَّ وعلا قد بيَّن عظيم ما مَنَّ به على رسوله من السعادة والكمال وانشراح الصدر فقال في سورة من كتابه الكريم:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ}[الشرح:١ - ٣].
بهذه الأمور الثلاثة كمل الله لرسوله صلى الله عليه وسلم أسباب السعادة: شرح له صدره؛ فكان من أشرح الناس صدراً، وأوسعهم قلباً، وأقرهم عيناً، وأكملهم حياةً صلى الله عليه وسلم.
ثم إن هذه السعادة لم تكن مقتصرةً على انشراح الصدر، بل هي سعادةٌ موطئةٌ لسعادة عظيمة في الآخرة، فقال جلَّ وعلا:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح:١ - ٤]، فخفف الله عن رسوله صلى الله عليه وسلم الآثام والأوزار، فلم يكن محملاً بما يُحَمَّلُه كثيرٌ من الناس من الأوزار، التي هي من أعظم أسباب ضيق الصدر، ومن أعظم أسباب قلة السعادة، بل من آكد أسباب زوالها، فإن السعادات تذهب عند مقارفة السيئات؛ ولذلك ذكر الله جلَّ وعلا بعد شرح الصدر تخفيف الوزر عن رسوله صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر ثالث ما من به سبحانه وتعالى على رسوله فقال سبحانه وتعالى:{وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح:٤]، ولا شك أن رفع الذكر من سعادة المرء؛ ولذلك خصه الله جلَّ وعلا بالذكر.