[حاجة الناس إلى العلم أشد من حاجتهم إلى الطعام والشراب]
لا تنظر إلى محيطك الضيق الذي تعيش فيه، فإن الأمة في حاجة ماسة إلى العلم، بل إن الإمام أحمد رحمه الله ذكر أن حاجة الناس إلى العلم فوق كل حاجة، يقول رحمه الله: الناس محتاجون إلى العلم قبل الخبز والماء، لأن العلم يحتاج إليه الإنسان في كل ساعة، والخبز والماء يحتاجه في اليوم مرة أو مرتين.
العلم يحتاجه المسلمون وغيرهم، يحتاجونه بعدد الأنفاس، كلما كثر علم الإنسان كلما كانت بصيرته ونظره وعبادته وتقواه وصلاحه ونفعه أكبر، ولذلك ينبغي لنا أن نحرص على الاستكثار من العلم، وأن نشيع العلم الذي تعلمناه بين الناس، فإن إشاعة العلم ونشره مما يثبت العلم ويزكيه وينميه.
أيها الإخوة! إن أمتنا الإسلامية في هذا الوقت بحاجة إلى العلم؛ لكثرة ما في بلدان المسلمين من الجهل بالله عز وجل، ويظهر ذلك في مظاهر الشرك الكثيرة المنتشرة في بلاد المسلمين، ويظهر أيضاً في البدع الكثيرة التي انتشرت في بلاد المسلمين، ويظهر أيضاً في تقصير كثير من المسلمين فيما أوجب الله عليهم، ومن ذلك تقصيرهم في بعض أركان الإسلام كالصلاة، فإن كثيراً من المسلمين يقصرون فيها: إما أنهم لا يؤدونها في أوقاتها التي أمر الله أن تقام فيها، وإما أنهم يقصرون فيها بالتأخير، أو أنهم لا يقيمونها على وجهها، وتظهر حاجة الأمة إلى العلم بما نشاهده من الدعاوى المنحرفة التي تظهر بين المسلمين، وتنتشر بينهم، وتروج في أقلامهم وأقوالهم وكتاباتهم وبلدانهم، إننا بحاجة إلى أن نبصر المسلمين بدينهم لما تشهده الأمة من هجمة عظيمة على الإسلام في هذه الأيام، فإن أعداء الإسلام ضاقوا بالإسلام ذرعاً، وبدءوا يشككون فيه، ويبحثون عما يصور لهم أنه تشويه فيه أو ضعف فيه، والضعف في عقولهم والتشوه في أذهانهم، وأما كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فهو الحق المبين:{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ}[فصلت:٤٢].
أيها الإخوة الكرام! إننا بحاجة إلى العلم لندعو غيرنا من الناس، فإن الناظر إلى جمهور الناس يرى أن المسلمين لا يشكلون إلا خمس العالم، وهذا بالنسبة إلى مجموع الناس عدد قليل، فينبغي على الأمة أن تجتهد وأن تبذل ما تستطيع في سبيل إيصال هذه الرسالة التي أنقذ الله جل وعلا بها الناس، وأخرجهم بها من الظلمات إلى النور، فهؤلاء يحتاجون إلى دعوة تُبين لهم فيها محاسن الإسلام، وتبين ما في هذا الدين من جوانب العظمة -وكله عظيم-، وتبين فيها بطلان ما يدعيه أعداء الإسلام من أن هذا الإسلام فيه وفيه وفيه من الشبهات التي تثار وهي في الحقيقة: شبه تهافت كالزجاج تخالها حقاً وكل كاسر مكسور فالجميع لا حجة فيه، بل هي شبه وخيالات وظنون فاسدة، إما ناشئة عن فساد نية أو ضعف علم، فإذا كمل العلم وصحة النية انبهر العالم بما في هذا الدين من النور الساطع المبين الذي يخرجهم به الله عز وجل من الظلمات إلى النور.