للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


هذا عن متني الحديثين. وما اسنادهما فإنه من المشكلات العويصة، التي لم أجد أحدا تعرض لتحقيقها، وقد تعبت في بحثه الأيام الطوال، ووصلت إلى نتيجة لا أستطيع القطع بها، وان كنت أراها أقرب إلى الصواب، وأرجح بها ان هذا الاسناد صحيح، وعساني أجد بعد نشر هذا الكتاب من يحقق ذلك من العلماء، فيؤيد ما وصلت إليه، أو ينقضه ويؤيد غيره، بالدليل القوي والحجة العلمية الواضحة، فلا مقصد لنا الا العلم الخالص. ويظهر لي ان أبا السعادات بن الأثير وجد هذا الاسناد من المشكلات فتخلى عن الكلام عليه بتة، ولم يذكر عن الحديث الا ما نقلنا عنه، ثم استمر في شرح الحديث من جهة المعنى، مخالفا بذلك عادته في شرح المسند، بتخريج كل حديث، وبيان درجته من الصحة، وكذلك فعل في كل الأحاديث التي رواها الشافعي بهذا الاسناد، وقد تتبعتها في شرحه حديثا حديثا، فلم أجده تكلم على أسانيدها.
وقد روى الشافعي الحديثين عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن حنطب عن المطلب. اما عبد العزيز وعمرو فإنهما ثقتان معروفان كما ذكرنا آنفا، وموضع الاشكال في الاسناد هو (المطلب بن حنطب) إذ ان ظاهر الاسناد الصحة، وان المطلب صحابي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عنه مولاه عمرو بن أبي عمرو. وهذا الظاهر يقويه ما نعرفه عن الشافعي من أنه لا يرى الاحتجاج بالحديث المرسل الا ان يعتضد بشئ آخر يقويه (انظر كتاب الرسالة ص ١٢٧ في الأصل وص ٦٣ في ب وص ١١٤ في س وص ١٢٢ في ج) وقد ذكر هذين الحديثين هنا - وحدهما - على سبيل الحجة والاستدلال، فلا نراه - والله أعلم - يحتج بهما الا وعنده ان اسنادهما هذا اسناد متصل غير مرسل.
ولكنا إذا رجعنا إلى ترجمة (المطلب بن حنطب) في رجال الحديث: وجدنا ما يدل على أنه عندهم غير صحابي، بل كأنه تابعي صغير.
قال الحافظ ابن حجر في التهذيب ١٠: ١٧٨ - ١٧٩: المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحرث بن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومي. وقيل باسقاط المطلب، وقيل: انهما اثنان. ثم ذكر الصحابة الذين روى عنهم المطلب هذا، ثم ذكر من روى عن المطلب، فذكر منهم ابنيه: عبد العزيز والحكم، ومولاه عمرو بن أبي عمرو. ثم قال: قال أبو حاتم في روايته عن عائشة: مرسلة، ولم يدركها.
وقال في روايته عن جابر: يشبه انه أدركه. وقال في روايته عن غيره من الصحابة:
مرسلة. قال: وعامة حديثه مراسيل، غير اني رأيت حديثا يقول فيه: حدثني خالي أبو سلمة. ثم نقل عن ابن سعد قال: كان كثير الحديث، وليس يحتج بحديثه، لأنه يرسل كثيرا، وليس له لقى، وعامة أصحابه يدلسون. ثم نقل توثيقه عن يعقوب بن سفيان والدارقطني وابن حبان، ثم قال: قال البخاري في التاريخ: سمع

<<  <  ج: ص:  >  >>