للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسَاقِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي هَلْ أَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ؟» خَرَّجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَكَيْفَ يُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ» .

فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا كَانَ لَهُ سَبَبٌ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ قَالَ يَهُودِيٌّ: لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ، فَلَطَمَهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ: أَتَقُولُ هَذَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا؟ فَجَاءَ الْيَهُودِيُّ فَاشْتَكَى مِنَ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَطَمَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا، لِأَنَّ التَّفْضِيلَ إِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَمِيَّةِ وَالْعَصَبِيَّةِ وَهَوَى النَّفْسِ كَانَ مَذْمُومًا، بَلْ نَفْسُ الْجِهَادِ إِذَا قَاتَلَ الرَّجُلُ حَمِيَّةً وَعَصَبِيَّةً كَانَ مَذْمُومًا، فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْفَخْرَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: ٥٥] (الْإِسْرَاءِ: ٥٥) . وَقَالَ تَعَالَى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: ٢٥٣] (الْبَقَرَةِ: ٢٥٣) . فَعُلِمَ أَنَّ الْمَذْمُومَ إِنَّمَا هُوَ التَّفْضِيلُ عَلَى وَجْهِ الْفَخْرِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الِانْتِقَاصِ بِالْمَفْضُولِ. وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>