وَأَنْبِيَاؤُهُ وَرُسُلُهُ. قَالَ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٨ - ١٩] (آلِ عِمْرَانَ: ١٨ - ١٩) . فَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ إِثْبَاتَ حَقِيقَةِ التَّوْحِيدِ، وَالرَّدَّ عَلَى جَمِيعِ طَوَائِفِ الضَّلَالِ، فَتَضَمَّنَتْ أَجَلَّ شَهَادَةٍ وَأَعْظَمَهَا وَأَعْدَلَهَا وَأَصْدَقَهَا، مِنْ أَجَلِّ شَاهِدٍ، بِأَجَلِّ مَشْهُودٍ بِهِ.
[مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَمَرَاتِبُهَا]
وَعِبَارَاتُ السَّلَفِ فِي (شَهِدَ) - تَدُورُ عَلَى الْحُكْمِ، وَالْقَضَاءِ، وَالْإِعْلَامِ، وَالْبَيَانِ، وَالْإِخْبَارِ. وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا حَقٌّ لَا تَنَافِي بَيْنَهَا: فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَتَضَمَّنُ كَلَامَ الشَّاهِدِ وَخَبَرَهُ، وَتَتَضَمَّنُ إِعْلَامَهُ وَإِخْبَارَهُ وَبَيَانَهُ. فَلَهَا أَرْبَعُ مَرَاتِبَ:
فَأَوَّلُ مَرَاتِبِهَا: عِلْمٌ وَمَعْرِفَةٌ وَاعْتِقَادٌ لِصِحَّةِ الْمَشْهُودِ بِهِ وَثُبُوتِهِ.
وَثَانِيهَا: تَكَلُّمُهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهِ غَيْرَهُ، بَلْ يَتَكَلَّمُ بِهَا مَعَ نَفْسِهِ وَيَذْكُرُهَا وَيَنْطِقُ بِهَا أَوْ يَكْتُبُهَا.
وَثَالِثُهَا: أَنْ يُعْلِمَ غَيْرَهُ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ وَيُخْبِرُهُ بِهِ وَيُبَيِّنُهُ لَهُ.
وَرَابِعُهَا: أَنْ يُلْزِمَهُ بِمَضْمُونِهَا وَيَأْمُرَهُ بِهِ.
فَشَهَادَةُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لِنَفْسِهِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْقِيَامِ بِالْقِسْطِ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ الْأَرْبَعَ: عَلِمَهُ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ، وَتَكَلُّمَهُ بِهِ، وَإِعْلَامَهُ، وَإِخْبَارَهُ لِخَلْقِهِ بِهِ، وَأَمْرَهُمْ وَإِلْزَامَهُمْ بِهِ.
فَأَمَّا مَرْتَبَةُ الْعِلْمِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ تَضَمَّنَتْهَا ضَرُورَةً، وَإِلَّا كَانَ الشَّاهِدُ شَاهِدًا بِمَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ. قَالَ تَعَالَى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦] (الزُّخْرُفِ: ٨٦) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute