للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَرْوَاحُ الشُّهَدَاءِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَرْوَاحُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى أَفْنِيَةِ قُبُورِهِمْ.

وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ كَطَيْرٍ خُضْرٍ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ، تَغْدُو وَتَرُوحُ إِلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ، تَأْتِي رَبَّهَا كُلَّ يَوْمٍ تُسَلِّمُ عَلَيْهِ.

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مُسْتَقَرُّهَا الْعَدَمُ الْمَحْضُ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ النَّفْسَ عَرَضٌ مِنْ أَعْرَاضِ الْبَدَنِ، كَحَيَاتِهِ وَإِدْرَاكِهِ! وَقَوْلُهُمْ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

وَقَالَتْ فِرْقَةٌ: مُسْتَقَرُّهَا بَعْدَ الْمَوْتِ أَبْدَانٌ أُخَرُ تُنَاسِبُ أَخْلَاقَهَا وَصِفَاتِهَا الَّتِي اكْتَسَبَتْهَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا، فَتَصِيرُ كُلُّ رُوحٍ إِلَى بَدَنِ حَيَوَانٍ يُشَاكِلُ تِلْكَ الرُّوحَ! وَهَذَا قَوْلُ التَّنَاسُخِيَّةِ مُنْكِرِي الْمَعَادِ، وَهُوَ قَوْلٌ خَارِجٌ عَنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ كُلِّهِمْ. وَيَضِيقُ هَذَا الْمُخْتَصَرُ عَنْ بَسْطِ أَدِلَّةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَالْكَلَامِ عَلَيْهَا.

[تَفَاوُتُ مَنَازِلِ الْأَرْوَاحِ فِي الْبَرْزَخِ]

وَيَتَلَخَّصُ مِنْ أَدِلَّتِهَا: أَنَّ الْأَرْوَاحَ فِي الْبَرْزَخِ مُتَفَاوِتَةٌ أَعْظَمَ تَفَاوُتٍ.

فَمِنْهَا: أَرْوَاحٌ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ، فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى، وَهِيَ أَرْوَاحُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ، وَهُمْ مُتَفَاوِتُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>