عَدَمُ ذَلِكَ أَنْفَعَ لَهُ، فَإِنَّهُ إِنِ اقْتَرَنَ بِهِ الدِّينُ وَإِلَّا هَلَكَ صَاحِبُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ الْخَارِقَ قَدْ يَكُونُ مَعَ الدِّينِ، وَقَدْ يَكُونُ مَعَ عَدَمِهِ، أَوْ فَسَادِهِ، أَوْ نَقْصِهِ.
[الْخَوَارِقُ النَّافِعَةُ تَابِعَةٌ لِلدِّينِ خَادِمَةٌ لَهُ]
فَالْخَوَارِقُ النَّافِعَةُ تَابِعَةٌ لِلدِّينِ، خَادِمَةٌ لَهُ، كَمَا أَنَّ الرِّيَاسَةَ النَّافِعَةَ هِيَ التَّابِعَةُ لِلدِّينِ، وَكَذَلِكَ الْمَالُ النَّافِعُ، كَمَا كَانَ السُّلْطَانُ وَالْمَالُ النَّافِعُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَمَنْ جَعَلَهَا هِيَ الْمَقْصُودَةُ، وَجَعَلَ الدِّينَ تَابِعًا لَهَا، وَوَسِيلَةً إِلَيْهَا، لَا لِأَجْلِ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ -: فَهُوَ شَبِيهٌ بِمَنْ يَأْكُلُ الدُّنْيَا بِالدِّينِ، وَلَيْسَتْ حَالُهُ كَحَالِ مَنْ تَدَيَّنَ خَوْفَ الْعَذَابِ، أَوْ رَجَاءَ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَا هُوَ مَأْمُورٌ بِهِ، وَهُوَ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ، وَشَرِيعَةٍ صَحِيحَةٍ.
وَالْعَجَبُ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ هَمَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ عَنْ أَنْ يَكُونَ خَوْفًا مِنَ النَّارِ أَوْ طَلَبًا لِلْجَنَّةِ - يَجْعَلُ هَمَّهُ بِدِينِهِ أَدْنَى خَارِقٍ مِنْ خَوَارِقِ الدُّنْيَا! ! ثُمَّ إِنَّ الدِّينَ إِذَا صَحَّ عِلْمًا وَعَمَلًا فَلَابُدَّ أَنْ يُوجِبَ خَرْقَ الْعَادَةِ، إِذَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ صَاحِبُهُ. قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الْأَنْفَالِ: ٢٩] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا - وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} [النساء: ٦٦ - ٦٧]
[النِّسَاءِ: ٦٦ - ٦٨] . وَقَالَ تَعَالَى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [يونس: ٦٢ - ٦٤]
[يُونُسَ: ٦٢ - ٦٤] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute