للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَدَرُ سِرُّ اللَّهِ فَلَا تَكْشِفْهُ.

[رَأْيُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَدَرِ]

وَالنِّزَاعُ بَيْنَ النَّاسِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَدَرِ مَشْهُورٌ.

وَالَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَالِقٌ أَفْعَالَ الْعِبَادِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩] (الْقَمَرِ: ٤٩) . وَقَالَ تَعَالَى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢] (الْفُرْقَانِ: ٢) . وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ الْكُفْرَ مِنَ الْكَافِرِ وَيَشَاؤُهُ، وَلَا يَرْضَاهُ وَلَا يُحِبُّهُ، فَيَشَاؤُهُ كَوْنًا، وَلَا يَرْضَاهُ دِينًا.

وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ وَالْمُعْتَزِلَةُ، وَزَعَمُوا: أَنَّ اللَّهَ شَاءَ الْإِيمَانَ مِنَ الْكَافِرِ، وَلَكِنَّ الْكَافِرَ شَاءَ الْكُفْرَ، فَرُّوا إِلَى هَذَا لِئَلَّا يَقُولُوا: شَاءَ الْكُفْرَ مِنَ الْكَافِرِ وَعَذَّبَهُ عَلَيْهِ! وَلَكِنْ صَارُوا كَالْمُسْتَجِيرِ مِنَ الرَّمْضَاءِ بِالنَّارِ! . فَإِنَّهُمْ هَرَبُوا مِنْ شَيْءٍ فَوَقَعُوا فِيمَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ! فَإِنَّهُ يُلْزِمُهُمْ أَنَّ مَشِيئَةَ الْكَافِرِ غَلَبَتْ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ الْإِيمَانَ مِنْهُ - عَلَى قَوْلِهِمْ - وَالْكَافِرَ شَاءَ الْكُفْرَ، فَوَقَعَتْ مَشِيئَةُ الْكَافِرِ دُونَ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى! ! وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الِاعْتِقَادِ، وَهُوَ قَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلدَّلِيلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>