للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: مُتَقَارِبَانِ. فَالْوَصْفُ لِلَذَّاتِ، وَالنَّعْتُ لِلْفِعْلِ، وَكَذَلِكَ الْوَحْدَانِيَّةُ وَالْفَرْدَانِيَّةُ. وَقِيلَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: إِنَّ الْوَحْدَانِيَّةَ لِلَذَّاتِ، وَالْفَرْدَانِيَّةَ لِلصِّفَاتِ، فَهُوَ تَعَالَى مُتَوَحِّدٌ فِي ذَاتِهِ، مُتَفَرِّدٌ بِصِفَاتِهِ. وَهَذَا الْمَعْنَى حَقٌّ وَلَمْ يُنَازِعْ فِيهِ أَحَدٌ، وَلَكِنْ فِي اللَّفْظِ نَوْعُ تَكْرِيرٍ. وَلِلشَّيْخِ نَظِيرُ هَذَا التَّكْرِيرِ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْعَقِيدَةِ، وَهُوَ بِالْخُطَبِ وَالْأَدْعِيَةِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْعَقَائِدِ، وَالتَّسْجِيعُ بِالْخُطَبِ أَلْيَقُ. وَ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] (الشُّورَى: ١١) . أَكْمَلُ فِي التَّنْزِيهِ مِنْ قَوْلِهِ: لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْبَرِيَّةِ.

[تَعَالَى رَبُّنَا عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَايَاتِ وَالْأَرْكَانِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ]

[مَا لَمْ يَرِدْ نَفْيُهُ وَلَا إِثْبَاتُهُ مِنَ الصِّفَاتِ لَا تُطْلَقُ حَتَّى يُنْظَرَ فِي مَقْصُودِ قَائِلِهَا]

قَوْلُهُ: (وَتَعَالَى عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَايَاتِ، وَالْأَرْكَانِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ، لَا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ) .

ش: أَذْكُرُ بَيْنَ يَدَيِ الْكَلَامِ عَلَى عِبَارَةِ الشَّيْخِ رَحِمَهُ اللَّهُ مُقَدِّمَةً، وَهِيَ: أَنَّ النَّاسَ فِي إِطْلَاقِ مِثْلِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: فَطَائِفَةٌ تَنْفِيهَا، وَطَائِفَةٌ تُثْبِتُهَا، وَطَائِفَةٌ تُفَصِّلُ، وَهُمُ الْمُتَّبِعُونَ لِلسَّلَفِ، فَلَا يُطْلِقُونَ نَفْيَهَا وَلَا إِثْبَاتَهَا إِلَّا إِذَا بُيِّنَ مَا أُثْبِتَ بِهَا فَهُوَ ثَابِتٌ، وَمَا نُفِيَ بِهَا فَهُوَ مَنْفِيٌّ. لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ صَارَتْ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ فِي اصْطِلَاحِهِمْ فِيهَا إِجْمَالٌ وَإِبْهَامٌ، كَغَيْرِهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ، فَلَيْسَ كُلُّهُمْ يَسْتَعْمِلُهَا فِي نَفْسِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ. وَلِهَذَا كَانَ النُّفَاةُ يَنْفُونَ بِهَا حَقًّا وَبَاطِلًا، وَيَذْكُرُونَ عَنْ مُثْبِتِيهَا مَا لَا يَقُولُونَ بِهِ، وَبَعْضُ الْمُثْبِتِينَ لَهَا يُدْخِلُ فِيهَا مَعْنًى بَاطِلًا، مُخَالِفًا لِقَوْلِ السَّلَفِ، وَلِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالْمِيزَانُ. وَلَمْ يَرِدْ نَصٌّ مِنَ الْكِتَابِ وَلَا مِنَ السُّنَّةِ بِنَفْيِهَا وَلَا إِثْبَاتِهَا، وَلَيْسَ لَنَا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>