اللَّهِ، الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [الْمُؤْمِنُونَ: ٦٠] أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُ؟ قَالَ: لَا، يَا ابْنَةَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَيَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ» . قَالَ الْحَسَنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: عَمِلُوا - وَاللَّهِ - بِالطَّاعَاتِ، وَاجْتَهَدُوا فِيهَا، وَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِمْ، إِنَّ الْمُؤْمِنَ جَمَعَ إِحْسَانًا وَخَشْيَةً، وَالْمُنَافِقَ جَمَعَ إِسَاءَةً وَأَمْنًا. انْتَهَى.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْبَقَرَةِ: ٢١٨] . فَتَأَمَّلْ كَيْفَ جَعَلَ رَجَاءَهُمْ مَعَ إِيمَانِهِمْ بِهَذِهِ الطَّاعَاتِ؟ فَالرَّجَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْإِتْيَانِ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي اقْتَضَتْهَا حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى، شَرْعُهُ وَقَدَرُهُ وَثَوَابُهُ وَكَرَامَتُهُ. وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ أَرْضٌ يُؤَمِّلُ أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ مِنْ مَغَلِّهَا مَا يَنْفَعُهُ، فَأَهْمَلَهَا وَلَمْ يَحْرُثْهَا وَلَمْ يَبْذُرْهَا، وَرَجَا أَنَّهُ يَأْتِي مِنْ مَغَلِّهَا مِثْلَ مَا يَأْتِي مَنْ حَرَثَ وَزَرَعَ وَتَعَاهَدَ الْأَرْضَ -: لَعَدَّهُ النَّاسُ مِنْ أَسْفَهِ السُّفَهَاءِ! وَكَذَا لَوْ رَجَا وَحَسَّنَ ظَنَّهُ أَنْ يَجِيئَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ! أَوْ يَصِيرَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْعِلْمِ وَحِرْصٍ تَامٍّ! وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ وَقَوِيَ رَجَاؤُهُ فِي الْفَوْزِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، مِنْ غَيْرِ طَاعَةٍ وَلَا تَقَرُّبٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ.
[مَنْ رَجَا شَيْئًا اسْتَلْزَمَ رَجَاؤُهُ أُمُورًا]
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ مَنْ رَجَا شَيْئًا اسْتَلْزَمَ رَجَاؤُهُ أُمُورًا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute