للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُبْتَدَعِ وَالْفَاسِقِ]

وَلَوْ صَلَّى خَلْفَ مُبْتَدِعٍ الصَّلَاةُ خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ وَالْفَاسِقِ يَدْعُو إِلَى بِدْعَتِهِ، أَوْ فَاسِقٍ ظَاهِرِ الْفِسْقِ، وَهُوَ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ إِلَّا خَلْفَهُ، كَإِمَامِ الْجُمْعَةِ وَالْعِيدَيْنِ، وَالْإِمَامِ فِي صَلَاةِ الْحَجِّ بِعَرَفَةَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ -: فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي خَلْفَهُ، عِنْدَ عَامَّةِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ.

وَمَنْ تَرَكَ الْجُمْعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْفَاجِرِ، فَهُوَ مُبْتَدِعٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا وَلَا يُعِيدُهَا، فَإِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْجُمْعَةَ وَالْجَمَاعَةَ خَلْفَ الْأَئِمَّةِ الْفُجَّارِ وَلَا يُعِيدُونَ، كَمَا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي خَلْفَ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ، وَكَذَلِكَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَكَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، حَتَّى إِنَّهُ صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ مَرَّةً أَرْبَعًا، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ؟ ! فَقَالَ لَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا زِلْنَا مَعَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ فِي زِيَادَةٍ! !

وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا حُصِرَ صَلَّى بِالنَّاسِ شَخْصٌ، فَسَأَلَ سَائِلٌ عُثْمَانَ: إِنَّكَ إِمَامُ عَامَّةٍ، وَهَذَا الَّذِي صَلَّى بِالنَّاسِ إِمَامُ فِتْنَةٍ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْسَنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>