مُطْلَقٍ، بَلْ بِإِيمَانٍ خَاصٍّ، وَصَفَهُ وَبَيَّنَهُ. فَالتَّصْدِيقُ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ، أَدْنَى أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ نَوْعًا مِنَ التَّصْدِيقِ الْعَامِّ، فَلَا يَكُونُ مُطَابِقًا لَهُ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، مِنْ غَيْرِ تَغَيِيرٍ لِلْبَيَانِ وَلَا قَلْبِهِ، بَلْ يَكُونُ الْإِيمَانُ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ مُؤَلَّفًا مِنَ الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، كَالْإِنْسَانِ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ حَيَوَانٌ نَاطِقٌ. أَوْ لِأَنَّ التَّصْدِيقَ التَّامَّ الْقَائِمَ بِالْقَلْبِ مُسْتَلْزِمٌ لِمَا وَجَبَ مِنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ، فَإِنَّ هَذِهِ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ التَّامِّ، وَانْتِفَاءُ اللَّازِمِ دَلِيلٌ عَلَى انْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ.
وَنَقُولُ: إِنَّ هَذِهِ اللَّوَازِمَ تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى اللَّفْظِ تَارَةً، وَتَخْرُجُ عَنْهُ أُخْرَى، أَوْ إِنَّ اللَّفْظَ بَاقٍ عَلَى مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ، وَلَكِنَّ الشَّارِعَ زَادَ فِيهِ أَحْكَامًا، أَوْ أَنْ يَكُونَ الشَّارِعُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ، فَهُوَ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ، مَجَازٌ لُغَوِيٌّ، أَوْ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ الشَّارِعُ. وَهَذِهِ أَقْوَالٌ لِمَنْ سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَ.
وَقَالُوا: إِنَّ الرَّسُولَ قَدْ وَقَفَنَا عَلَى مَعَانِي الْإِيمَانِ، وَعَلِمْنَا مِنْ مُرَادِهِ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّ مَنْ قِيلَ إِنَّهُ صَدَّقَ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِلِسَانِهِ بِالْإِيمَانِ، مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا صَلَّى، وَلَا صَامَ، وَلَا أَحَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَلَا خَافَ اللَّهَ بَلْ كَانَ مُبْغِضًا لِلرَّسُولِ، مُعَادِيًا لَهُ يُقَاتِلُهُ -: أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ.
[الْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ عَلَى دُخُولِ الْأَعْمَالِ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ]
كَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ رَتَّبَ الْفَوْزَ وَالْفَلَاحَ عَلَى التَّكَلُّمِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الْإِخْلَاصِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُمَا. فَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute