[الْحِجْرِ: ٢٩] كَمَا أَضَافَ إِلَيْهِ عِلْمَهُ وَقُدْرَتَهُ وَسَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَيَدَهُ. وَتَوَقَّفَ آخَرُونَ.
وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ. وَمِمَّنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ: مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا. وَمِنَ الْأَدِلَّةِ [الزُّمَرِ: ٦٢] فَهَذَا عَامٌّ لَا تَخْصِيصَ فِيهِ بِوَجْهٍ مَا، وَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ. فَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْإِلَهُ الْمَوْصُوفُ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، فَعِلْمُهُ وَقُدْرَتُهُ وَحَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَجَمِيعُ صِفَاتِهِ - دَاخِلٌ فِي مُسَمَّى اسْمِهِ فَهُوَ سُبْحَانَهُ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ الْخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ، وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ الرُّوحَ لَيْسَ هِيَ اللَّهَ، وَلَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ مَصْنُوعَاتِهِ. وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} [الدَّهْرِ: ١] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى لِزَكَرِيَّا: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} [مَرْيَمَ: ٩] . وَالْإِنْسَانُ اسْمٌ لِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ، وَالْخِطَابُ لِزَكَرِيَّا، لِرُوحِهِ وَبَدَنِهِ، وَالرُّوحُ تُوصَفُ بِالْوَفَاةِ وَالْقَبْضِ وَالْإِمْسَاكِ وَالْإِرْسَالِ، وَهَذَا شَأْنُ الْمَخْلُوقِ الْمُحْدَثِ.
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ: {مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الْإِسْرَاءِ: ٨٥]- فَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا بِالْأَمْرِ الطَّلَبَ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ الْمَأْمُورُ، وَالْمَصْدَرُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ اسْمُ الْمَفْعُولِ، وَهَذَا مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ.
[الْمُضَافُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى نَوْعَانِ]
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِإِضَافَتِهَا إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {مِنْ رُوحِي} [الْحِجْرِ: ٢٩]- فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الْمُضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى نَوْعَانِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute