للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكِبْرِيَائِهِ، وَإِلَّا فَالنَّفْيُ الصِّرْفُ لَا مَدْحَ فِيهِ، أَلَا يُرَى أَنَّ قَوْلَ الشَّاعِرِ:

قُبَيَّلَةٌ لَا يَغْدِرُونَ بِذِمَّةٍ ... وَلَا يَظْلِمُونَ النَّاسَ حَبَّةَ خَرْدَلِ

لَمَّا اقْتَرَنَ بِنَفْيِ الْغَدْرِ وَالظُّلْمِ عَنْهُمْ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَ هَذَا الْبَيْتِ وَبَعْدَهُ، وَتَصْغِيرُهُمْ بِقَوْلِهِ: قُبَيِّلَةٌ عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ عَجْزُهُمْ وَضَعْفُهُمْ، لَا كَمَالُ قُدْرَتِهِمْ. وَقَوْلُ الْآخَرِ:

لَكِنَّ قَوْمِي وَإِنْ كَانُوا ذَوِي عَدَدٍ ... لَيْسُوا مِنَ الشَّرِّ فِي شَيْءٍ وَإِنْ هَانَا

لَمَّا اقْتَرَنَ بِنَفْيِ الشَّرِّ عَنْهُمْ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَمِّهِمْ، عُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ عَجْزُهُمْ وَضَعْفُهُمْ أَيْضًا.

[مَنْهَجُ السَّلَفِ الْإِثْبَاتُ الْمُفَصَّلُ وَالنَّفْيُ الْمُجْمَلُ]

وَلِهَذَا يَأْتِي الْإِثْبَاتُ لِلصِّفَاتِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مُفَصَّلًا، وَالنَّفْيُ مُجْمَلًا، عَكْسَ طَرِيقَةِ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمَذْمُومِ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ بِالنَّفْيِ الْمُفَصَّلِ وَالْإِثْبَاتِ الْمُجْمَلِ، يَقُولُونَ: لَيْسَ بِجِسْمٍ، وَلَا شَبَحٍ، وَلَا جُثَّةٍ، وَلَا صُورَةٍ، وَلَا لَحْمٍ، وَلَا دَمٍ، وَلَا شَخْصٍ، وَلَا جَوْهَرٍ، وَلَا عَرَضٍ، وَلَا بِذِي لَوْنٍ، وَلَا رَائِحَةٍ، وَلَا طَعْمٍ، وَلَا مِجَسَّةٍ، وَلَا بِذِي حَرَارَةٍ، وَلَا بُرُودَةٍ، وَلَا رُطُوبَةٍ، وَلَا يُبُوسَةٍ، وَلَا طُولٍ، وَلَا عَرْضٍ، وَلَا عُمْقٍ، وَلَا اجْتِمَاعٍ، وَلَا افْتِرَاقٍ، وَلَا يَتَحَرَّكُ، وَلَا يَسْكُنُ، وَلَا يَتَبَعَّضُ، وَلَيْسَ بِذِي أَبِعَاضٍ وَأَجْزَاءٍ وَجَوَارِحٍ وَأَعْضَاءٍ، وَلَيْسَ بِذِي جِهَاتٍ، وَلَا بِذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>