الْمَحْسُوسَاتِ. وَقَوْلُهُمْ: لَوْ صَحَّتْ لَاشْتَبَهَتْ بِالْمُعْجِزَةِ، فَيُؤَدِّي إِلَى الْتِبَاسِ النَّبِيِّ بِالْوَلِيِّ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ! وَهَذِهِ الدَّعْوَى إِنَّمَا تَصِحُّ إِذَا كَانَ الْوَلِيُّ يَأْتِي بِالْخَارِقِ وَيَدَّعِي النُّبُوَّةَ، وَهَذَا لَا يَقَعُ، وَلَوِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا، بَلْ كَانَ مُتَنَبِّئًا كَذَّابًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْمُتَنَبِّئِ، عِنْدَ قَوْلِ الشَّيْخِ: وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ الْمُجْتَبَى وَنَبِيُّهُ الْمُصْطَفَى.
[أَنْوَاعُ الْفِرَاسَةِ]
وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ هَاهُنَا: أَنَّ الْفِرَاسَةَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ:
إِيمَانِيَّةٌ، وَسَبَبُهَا نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ عَبْدِهِ، وَحَقِيقَتُهَا أَنَّهَا خَاطِرٌ يَهْجُمُ، عَلَى الْقَلْبِ، يَثِبُ عَلَيْهِ كَوُثُوبِ الْأَسَدِ عَلَى الْفَرِيسَةِ، وَمِنْهَا اشْتِقَاقُهَا، وَهَذِهِ الْفِرَاسَةُ عَلَى حَسَبِ قُوَّةِ الْإِيمَانِ، فَمَنْ كَانَ أَقْوَى إِيمَانًا فَهُوَ أَحَدُّ فِرَاسَةً. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: الْفِرَاسَةُ مُكَاشَفَةُ النَّفْسِ وَمُعَايَنَةُ الْغَيْبِ، وَهِيَ مِنْ مَقَامَاتِ الْإِيمَانِ. انْتَهَى.
وَفِرَاسَةٌ رِيَاضِيَّةٌ، وَهِيَ الَّتِي تَحْصُلُ بِالْجُوعِ وَالسَّهَرِ وَالتَّخَلِّي، فَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا تَجَرَّدَتْ عَنِ الْعَوَائِقِ صَارَ لَهَا مِنَ الْفِرَاسَةِ وَالْكَشْفِ بِحَسَبِ تَجَرُّدِهَا، وَهَذِهِ فِرَاسَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَلَا تَدُلُّ عَلَى إِيمَانٍ، وَلَا عَلَى وِلَايَةٍ، وَلَا تَكْشِفُ عَنْ حَقٍّ نَافِعٍ، وَلَا عَنْ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ، بَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute