للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَرُدُّهُ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ مِنْ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا.

فَإِذَا قَالُوا لَنَا: فَهَذَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الْحَوَادِثُ قَامَتْ بِهِ. قُلْنَا: هَذَا الْقَوْلُ مُجْمَلٌ، وَمَنْ أَنْكَرَ قَبْلَكُمْ قِيَامَ الْحَوَادِثِ بِهَذَا الْمَعْنَى بِهِ تَعَالَى مِنَ الْأَئِمَّةِ؟ وَنُصُوصُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ تَتَضَمَّنُ ذَلِكَ، وَنُصُوصُ الْأَئِمَّةِ أَيْضًا، مَعَ صَرِيحِ الْعَقْلِ.

وَلَا شَكَّ أَنَّ الرُّسُلَ الَّذِينَ خَاطَبُوا النَّاسَ وَأَخْبَرُوهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَالَ وَنَادَى وَنَاجَى وَيَقُولُ، لَمْ يُفْهِمُوهُمْ أَنَّ هَذِهِ مَخْلُوقَاتٌ مُنْفَصِلَةٌ عَنْهُ، بَلِ الَّذِي أَفْهَمُوهُمْ إِيَّاهُ: أَنَّ اللَّهَ نَفْسَهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ، وَالْكَلَامُ قَائِمٌ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ وَقَالَهُ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ: وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِيَّ بِوَحْيٍ يُتْلَى. وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ خِلَافَ مَفْهُومِهِ لَوَجَبَ بَيَانُهُ، إِذْ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ لَا يَجُوزُ.

وَلَا يُعْرَفُ فِي لُغَةٍ وَلَا عَقْلٍ قَائِلٌ مُتَكَلِّمٌ لَا يَقُومُ بِهِ الْقَوْلُ وَالْكَلَامُ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ فَرُّوا مِنْ ذَلِكَ حَذَرًا مِنَ التَّشْبِيهِ، فَلَا يُثْبِتُوا صِفَةً غَيْرَهُ، فَإِنَّهُمْ إِذَا قَالُوا: يَعْلَمُ لَا كَعِلْمِنَا، قُلْنَا: وَيَتَكَلَّمُ لَا كَتَكَلُّمِنَا، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الصِّفَاتِ.

وَهَلْ يُعْقَلُ قَادِرٌ لَا تَقُومُ بِهِ الْقُدْرَةُ، أَوْ حَيٌّ لَا تَقُومُ

<<  <  ج: ص:  >  >>